مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤)
____________________________________
مِنْ أَمْرِي عُسْراً) أي لا تكلفني مشقة ، بل عاملني باليسر ، يقال أرهقه عسرا إذا كلفه أمرا يثقل عليه ، وقد قال جماعة إن النسيان هنا ، وفي قوله «نسيا حوتهما» وقوله في قصة آدم «فنسي» وما أشبه يراد به الترك ، لا النسيان الذي هو ضد الذكر ، وإنما يطلق على الترك النسيان ، لأنه من أسبابه ، وشبيه به في النتيجة ، كما قال سبحانه (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) (١) مع أن الله سبحانه لا ينسى ، وقوله (نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) (٢) وإنما قالوا ذلك ، لما دل على أن الأنبياء عليهمالسلام معصومين من السهو والنسيان والخطأ ، وما أشبه.
[٧٥] وقبل خضر من موسى عذره وأو صلتهما السفينة إلى المحل المقصود ونزلا منها (فَانْطَلَقا) يمشيان (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً) أي ولدا وقد كان غلاما يلعب مع الصبيان ـ كما في بعض التفاسير (٣) ـ (فَقَتَلَهُ) أخذ خضر سكينا ، وقتل الغلام بلا سوء ، ولا جهة ظاهرة (قالَ) موسى عليهالسلام مستوحشا من هذا العمل العجيب ، بلا مبرر ظاهر (أَقَتَلْتَ) يا خضر (نَفْساً زَكِيَّةً) أي طاهرة من الذنوب (بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي بغير إن كان قتل نفسا ، حتى يستحق القصاص؟ فما هذا العمل منك يا خضر (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) أي منكرا فظيعا.
__________________
(١) التوبة : ٦٧.
(٢) الجائية : ٣٥.
(٣) مجمع البيان : ج ٦ ص ٣٦٩.