حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦)
____________________________________
مال ، ولوازم السفر التي هي أسبابه ـ لا يتمكن الوصول إلى مقصده.
[٨٧] (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ) ناحية المغرب من المعمورة في ذلك الوقت ، فهو كما نقول اليوم «موسكو» مشرق الأرض و «لندن» مغرب الأرض (وَجَدَها) أي وجد ذو القرنين الشمس (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) فالإنسان ، إذا كان في طرف مغربه جبل رأى الشمس تغرب خلف الجبل ، وإذا كان صحراء رآها تغرب في الصحراء ، وإذا كان بحر وجدها تغرب في البحر ، وكأن ذو القرنين وصل إلى محل من شاطئ المحيط الأطلسي ـ وكان يسمى بحر الظلمات ـ فوجد الشمس تغرب في البحر ، فإن البحر يسمى في اللغة «عينا» كما أن «حمئة» بمعنى كدرة ، أي في بحر ذي كدرة ، في لون مائه ، أو المراد أنه رآها قد غربت ، في عين كبيرة ذات حمئة ، ولا يخفى أن الآية تقول «وجدها» فهي حكاية عما جاء في نظر ذي القرنين ، لا عن الواقع (وَوَجَدَ عِنْدَها) أي عند تلك العين (قَوْماً) يسكنون هناك (قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) كان المراد بالقول إلهام إليه ، بالإلقاء في قلبه ، إن الأمر بيده ، فإن شاء عذبهم ، وإن شاء اتخذ فيهم سيرة حسنة ، فقد جرت البلاغة ، أن يؤتى بلفظ القول ، ويراد به التمكين من الشيء ، فيقول الملك : قلت للوزير ، اعمل ما شئت من الخير والشر ، وسترى جزاءك ، يريد أنه مكنه ليعمل ما يشاء (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ) هؤلاء ، كما هي عادة الملوك ، إذا دخلوا قرية أفسدوها ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة (وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) بأن تسير