وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١)
____________________________________
ثلاثة أيام (١) (وَقَتَلْتَ) يا موسى (نَفْساً) من القبط ، فقد كان في مصر طائفتان ، القبط وهم قوم فرعون ، والإسرائيليون وهم أحفاد يعقوب ، وكان القبط كفارا والإسرائيليون مسلمون حيث ورثوا الدين والإسلام عن آبائهم ، فقد قال لهم يعقوب حين موته : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٢) فمر موسى ذات يوم على رجلين أحدهما قبطي والآخر إسرائيلي يتشاجران فاستغاث بموسى الإسرائيلي ، وهناك تقدم موسى وضرب القبطي ضربة مات منها (فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِ) حيث أمرناك وألهمنا إليك أن تفر من مصر لئلا يقتلك فرعون ، فقد جاءه آت ليقول له : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) (٣) (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) أي اختبرناك اختبارا ، وابتليناك ابتلاء من الخوف في مصر ، ثم قتل القبطي ، ثم الفرار من الوطن واجلا خائفا ثم غير ذلك من أنواع المصائب ، التي تؤهل الإنسان للقيام بالمهام فبعد ذلك كله (فَلَبِثْتَ) وبقيت (سِنِينَ) عشرة (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) عند شعيب النبي عليهالسلام حيث تزوج موسى بابنته ، ومدين على ثمان مراحل من مصر ـ كما في الصافي ـ (ثُمَ) بعد تلك الامتحانات والمشاق (جِئْتَ عَلى قَدَرٍ) بتقدير من الله ، لإنجاز المهمة وأداء الرسالة (يا مُوسى) فلتتذكر النعم ، ولتستعد للرسالة.
[٤٢] (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) فأنت مصنوع لأجل العمل لله وحده ، فلا شيء
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٣ ص ٢٥.
(٢) البقرة : ١٣٣.
(٣) القصص : ٢١.