قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى
____________________________________
بلا كلل ولا ملل (قُلْ) يا رسول الله لهؤلاء (هذِهِ) الطريقة التي ترونها في أقوالي ، وأفعالي (سَبِيلِي) طريقي في الحياة لا أحيد عنها (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) من أمري فلست مقلدا ولا مغفلا ولا غافلا (أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أدعوكم أنا ، ويدعوكم من آمن بي (وَسُبْحانَ اللهِ) أي تنزيها له عن النقائص ، فليس كالالهة الحجرية والخشبية والمعدنية جاهلة لا تملك شيئا (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الذين يشركون بالله شركا خفيا أو جليا ، فمن شاء فليتبع طريقي ومن لم يشأ ، فهو وما اختار ،
[١١٠] ثم يلفت الله الكفار إلى حقيقة الرسالة وأحوال الغابرين ، الذين تركوا اتباع الرسل ، ليهزهم نحو الاتباع ، ويعظهم بما قد علموه من أحوال الماضين ، لعلهم يرتدعون عن غيهم (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يا رسول الله (إِلَّا رِجالاً) من المرسلين كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم ، (نُوحِي إِلَيْهِمْ) نلقي إليهم أوامرنا وإرشاداتنا (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) فلم يكونوا ملائكة ولا جنّة ولا نساء ، وإنما رجال من أهل البلاد ، لا من أهل البادية ، ليكونوا ألطف معاشرة ، وأكرم أخلاقا ، وأحسن عشرة لغلبة الجفاء والخشونة على أهل البادية ، أو لأنه لو بعث في البادية من أهلها ، كان أهل المدن أبعد من الإيمان ، أو لأن البدوي لقلة علومه يتمكن أن يدعي النبوة له كل من كان منه أدق فطنة ، بخلاف أهل المدن ، فإنهم مستوعبون للعلوم ، فلا يتمكن أن