أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ
____________________________________
يغشّهم فطن خال عن الاتصال بالسماء (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) أي هؤلاء الكفار (فِي الْأَرْضِ) ليطلعوا على أحوال الماضين ، كيف أهلكوا لما خالفوا الرسل ، فإن العلم بأحوال الأمم المختلفة ماضيهم ، وحاضرهم لا يحصل غالبا إلا بالسفر والسير (فَيَنْظُرُوا) أي يعلموا (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم المكذبين لرسلهم ، فإنهم قد أهلكوا بأنواع العذاب في الدنيا ، وأما الآخرة فإن لهم جهنم لا يموتون فيها ، ولا يحيون (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) معاصي الله سبحانه ، فهم في الدنيا نعموا ، والاخرة خير لهم ، روي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : لشبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها (١) ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) تعملون عقولكم ، لتعرفوا مصير كلّ من الكافر والمؤمن ، في دنياه وآخرته؟
[١١١] إن الكفار دائما يغترون بما يرون من ظواهر اتباع الأنبياء في بدء الدعوة ، أنهم قلة لا حول لهم ولا طول ، ولكن لا يغر ذلك كفار قريش ، مما يرون بالرسول من الضعف في الاتباع والقلة في الأشياع ، فقد جرت عادة الله سبحانه أن يبدأ الإيمان بمثل ذلك ، حتى يكون أقوى أساسا وأشد مراسا ، وإلا فالنصر آت لا محالة وهكذا تستمر الحالة ، فالرسل في ضعف من الأتباع ، والكفار في قوة (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ) أي يئس (الرُّسُلُ) من تلبية الناس واستجابتهم (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ٨ ص ١٤٨.