قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ
____________________________________
قَدْ كُذِبُوا) بصورة عامة ، فلا مصدق لهم ، فإن كذب ـ مخففا ـ يأتي بمعنى كذّب ـ مشددا ـ كما قال سبحانه (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) (١) وإنما جيء ب «ظنوا» لأن الرسل رجحوا ذلك ، ولم يتيقنوا ، وإنما رجّحوا لأنهم رأوا عدم التلبية من الناس مع طول المدة ، وتمام الحجج البينات (جاءَهُمْ) أي جاء إلى الرسل (نَصْرُنا) بإرسال العذاب على الكفار ، وتقوية أمر الرسل (فَنُجِّيَ) أي نخلص من العذاب (مَنْ نَشاءُ) وهم المؤمنون الذين اتبعوا الرسل وآمنوا بهم (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) أي عذابنا (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) الذين أجرموا بانحراف العقيدة وارتكاب الآثام ، وهكذا أنت يا رسول الله مع هؤلاء القوم ، وهكذا كل داع إلى الصلاح ، قائم بواجب الإرشاد ، أما قتل الأنبياء عليهمالسلام ـ قبل ذلك ـ كما كان ، فإنه لا ينافي ذلك ، فإن المراد بالنصر نصر المبادئ التي دعوا إليها ، وهو النصر حقيقة ، لا العزة والشوكة في الدنيا ، وعلى هذا فقوله سبحانه «وظنوا» لا يراد به الظن الظاهري ، الذي هو صفة قائمة بالنفس ، بل ذلك حكاية عن ظاهر الحال ، يعني أن المورد يكون مورد ظنّ بأن الرسل قد كذبهم الناس ، فلا مؤمن ولا مصدق.
[١١٢] وتأتي الخاتمة ، كما ابتدأت به السورة ، فهناك (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) وهنا (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) أي قصص
__________________
(١) التوبة : ٩٠.