قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)
____________________________________
[٩٢] (قالُوا) أي الذين عبدوا العجل (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) لا نزال مقيمين على عبادته ، فإن برح بمعنى زال ، وعكف بمعنى أقام (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) فننظر هل يعبده كما عبدناه ، وكما أخبرنا السامري قائلا : هذا إلهكم وإله موسى ، أم لا يعبده؟
[٩٣] ولما رجع موسى عليهالسلام ورأى أنهم عبدوا العجل كما أخبره سبحانه من الطور ، توجه إلى هارون و (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) بعبادة العجل ، عن اتباعي ، وقوله :
[٩٤] (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) أي في الغضب الشديد لله ومقاتلة عبّاد العجل أو الخروج من بينهم ، متعلق بمحذوف أي ما هو السبب في أن لا تتبعن ، كما أن متعلق «ما منعك» محذوف ، وكثيرا ما يستعمل البلغاء مثل هذا تأكيدا للنفي ، فإن حذف المتعلق في «ما منعك» يحدث في الذهن فجوة وسيعة وهولا ، كما أن حذف الفعل في «ألا تتبعن» يوهم ابتداء الإنكار ، ومثله شائع كما قال سبحانه : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) (١) وقوله : «ما يمنع القوم أن لا يعملوا حسنا» وقوله : «وقد رأى المنع في أن لا يجاريهم» ولذا كان «ألا تتبعن» أول الآية.
(أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) هل عصيت أمري الذي أمرتك؟ كما قال سبحانه : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ
__________________
(١) الأعراف : ١٣.