وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ
____________________________________
العقلية والبدنية والغريزية فيكم ، وهو مرحلة الشباب.
(وَمِنْكُمْ) أي بعضكم (مَنْ يُتَوَفَّى) بصيغة المجهول ، والمتوفى ـ باسم الفاعل ـ هو الله سبحانه ، أي يكون موته قبل الكبر (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ) أي يرجع (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أي أسوء العمر ، وإنما قال «يرد» لأن حالة الشيخوخة كحالة الطفولة ، فهو رد إلى تلك ، وإنما كان حال الشيخوخة أسوأ العمر مع أنه كحالة الطفولة ، لأن حالة الطفولة أفضل منها حيث أن الطفل في حالة النمو والاكتمال ، بخلاف حالة الشيخوخة ، فإن الإنسان معها في التردي والهبوط ، وإنما يرد الإنسان إلى أرذل العمر (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) أي لكي يخرج عن ذلك العلم الذي أتاه ، فإن الإنسان ينسى معلوماته ويرتد جاهلا ـ أو شبه جاهل ـ واللام إما للعاقبة ، نحو (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (١) وإما فيه تلميح إلى أنه يسلب ما كان يتطاول به ويجادل في الله بسببه ، أو لام الغاية ، أي يرد إلى هذا الحال ، فتضعف روحه كما ضعف جسمه ، أي نرده إلى هذه الحالة ، لكي لا يعلم ، ويصير كيوم طفولته.
(وَ) كما جرت القدرة في خلق الإنسان بتلك الكيفية المتدرجة ، كذلك (تَرَى) أيها الرائي (الْأَرْضَ هامِدَةً) أي ساكنة يابسة ، لا حركة فيها ، ولا نبات ، (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا) أي على الأرض (الْماءَ) من
__________________
(١) القصص : ٩.