ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ
____________________________________
الإنسان والحيوان ـ الذي يأكله الإنسان ـ فيصير دما ثم منيا ، ثم إنسانا ، أو المراد ب «خلقناكم» خلقنا جدكم «آدم» عليهالسلام ، ومن قدر على صنع الإنسان من تراب يقدر على إعادته من تراب (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) فإن الإنسان بعد أن يصبح منيا يكون نطفة ، وهي المني المستقر في الرحم (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) وهي القطعة من الدم المتجمد ، فإن النطفة تنقلب علقة بعد مدة من بقائها في الرحم (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) وهي شبه قطعة ممضوغة من اللحم ، فإن معنى المضغة مقدار ما يمضغ بالأسنان.
(مُخَلَّقَةٍ) تلك المضغة (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) أي تام الخلقة وغير تام ، أو متخذة شكلا بتحولها إلى العظم واللحم والصورة ، أو تلفظها الرحم قبل ذلك فلا تتخذ خلقه الإنسان ، وبناء على هذا المعنى يكون معنى «خلقناكم» إن أصل الإنسان هكذا ، حتى يلائم «غير مخلقة» وإنما طورنا الإنسان في هذه المراحل (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) قدرتنا ، وندلكم على وجودنا وسائر صفاتنا ، فمن يا ترى يقدر على مرحلة واحدة من هذه المراحل؟ (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) من ولد وبنت ، تام وغير تام ، واحد ومتعدد ، حسن أو قبيح ، وهكذا (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي مدة محدودة قد سميت عندنا ، فمقدار بقاء الجنين في الرحم محدود معين عند الله سبحانه (ثُمَ) بعد تمام الأجل المقدر (نُخْرِجُكُمْ) أيها البشر (طِفْلاً) ، وإنما جاء في اللفظ مفردا ، باعتبار كل واحد واحد (ثُمَ) نسير بكم في مراحل الطفولة (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) أي وقت اشتداد القوى