أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨) هذانِ خَصْمانِ
____________________________________
كله خاضع له مطيع لأمره (أَلَمْ تَرَ) أي ألا تنظر وتعلم (أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ) من الملائكة (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) من عقلاء الملائكة والجن ، فإن الإنسان يعلم ذلك إذا تدبر في الخلق ، والخالق ، وإن لم يره ببصره (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ) من العلويات فإنها خاضعة لأمره ، سائرة حسب ما قرر لها من المنهاج (وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ) من الأرضيات ، فإنها خاضعة لأمره ، مستقرة أو متحركة حسب إرادته (وَ) يسجد له سبحانه (كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) وهم المؤمنون سجودا متعارفا ، وإن سجد الجميع له سجودا تكوينيا ، ثم ابتدأ قوله تعالى (وَكَثِيرٌ) ممن أبى السجود والإيمان ، واختار الكفر والعصيان ، (حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) أي ثبت ولزم ، لأنه أبى واستعلى وتكبر (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ) له بأن جعله ذليلا مهينا ، حين تكبر واستعلى ولم يسجد (فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) لا في الدنيا ولا في الآخرة ، وما حوله من الحفاوة ، أياما قلائل ، فإنما هي سراب زائل (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) فالأمور بيده ، والإكرام والإهانة منه لا من غيره.
[٢٠] ولننظر إلى من يهنه الله ومن يكرمه (هذانِ) أي المؤمنون والكافرون ـ وهم الفرق الخمسة المذكورة ـ (خَصْمانِ) والخصم