عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)
____________________________________
بيان بعض المصاديق (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) الأنعام ، هي الإبل والبقر والغنم ، والبهيمة هي التي لا تقدر أن تتكلم ، فإنها من الإبهام ، وذلك أنها لا تفصح عن مرادها ، كما يفصح الإنسان الناطق ، والمراد ب «على» إما ذكر الله على الحيوان حين يذبح أو ينحر ، أو المراد أنهم يشكرون الله على أن رزقهم اللحوم ، وعلى أي حال ، فهو مصداق للذكر (فَكُلُوا) أيها الحجاج (مِنْها) من تلك الأنعام ، والأمر للإباحة ، أو للوجوب ، فقد ذهب بعض علمائنا إلى وجوب أكل الحاج من ذبيحته (وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ) وهو الذي ظهر عليه أثر البؤس ـ أي الجوع والعري ـ (الْفَقِيرَ) وكأنه قيد احترازي ، لأن يجتنب عن البائس الذي يظهر ذلك ، وليس بفقير واقعا.
[٣٠] (ثُمَ) عطف لترتيب الكلام ، لا لترتيب ما يأتي على ما تقدم (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) يقال تفث ، يتفث «من باب علم يعلم» أي علاه التفث ، وهو الوسخ ، وتفثت الدماء مكانه أي لطخته ، ويقال : قضى تفثه ، أي أزال وسخه ، كأنه أتى بما عليه تجاه الوسخ ـ وهو الإزالة ـ والمراد هنا إزالة الأوساخ من حلق الشعر ، ونتف الإبط ، وتنوير العانة ، وقص الظفر ، مما حرمه الإحرام ، فإنها تحل في منى (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) التي نذروها من الذبح والنحر لله سبحانه ـ علاوة على الهدي ـ (وَلْيَطَّوَّفُوا) أصله «تطوف» من باب التفعل ، قلبت التاء طاء ، وجيء بهمزة الوصل لتعذر الابتداء بالساكن (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) أي البيت