إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ
____________________________________
وإن كان كلاهما مرسلا (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) التمني هو القراءة ، يقال تمنى الكتاب إذا قرأه ، قال الشاعر :
تمنى كتاب الله أول ليله |
|
وآخره لاقى حمام المقادر |
(أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) أي في قراءته ومعنى الإلقاء التحريف بالزيادة والنقصان ، وإنما نسب الإلقاء إليه ، لأنه من وسوسته ، وإغرائه لعملائه الكفار أن يزيدوا ، وبهذا الإلقاء يريد الشيطان وأتباعه أن يعجزوا الرسول عن إتمام رسالته ـ كما سبق قوله : «والذين سعوا في آياتنا معاجزين» إذ إلقاء التشويش والاضطراب ، يوقف سيرة الدعوة ويكدر صفوها ، لكن الله سبحانه يحفظ دينه وقرآنه عن الاختلال (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) بأن يبطله ويزيله بسبب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والرسول ، إذ يبين الرسول للناس أن هذا زائد وهذا ناقص ، وهذا أصيل وهذا دخيل (ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) بأن يجعلها محكمة لا يتسرب إليها الدخيل فإن المؤمنين إذا علموا أن الكفار بصدد الزيادة والنقصان ، التزموا بالكتاب أشد الالتزام مما يوجب إحكامه ، فلا يتطرق إليه التغيير والتحريف وقد حاول الكفار ذلك بالنسبة إلى القرآن منذ عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنهم لم ينجحوا وفي زماننا حاول «أتاتورك» أن يلخص القرآن ، وصنع منه مهزلة لم يدم إلا يسيرا ، حتى نسخه الله ، وأحكم آياته ، وثم حاول اليهود من «فلسطين» أن يغيروا القرآن ، وطبعوا منه نسخا محرفة ، ووزعوها في البلاد ، لكنها لم تنجح أيضا ، بل قيض