وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٣)
____________________________________
الله المسلمين ، لينبهوا على تحريفهم (وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يفعله الكفار بوسوسة من الشياطين (حَكِيمٌ) يعمل كل عمل عن حكمة وصلاح ، فلا يدع الكتاب الموحي إلى النبي عرضة التلاعب والزيادة والنقصان.
[٥٤] وإنما لا يعجز الله الشيطان عن هذا العمل ، بأن يسلب قدرته منه حتى لا يتمكن من هذه الزيادة والنقصان (لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ) في الكتاب (فِتْنَةً) وامتحانا (لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) فإن من مرض قلبه بالشك والريب ، إذا رأى الزيادة والنقصان والاضطراب رفع اليد عن الإيمان ، ودخل في صف الكفار أو المنافقين (وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) أي الكفار الذين قست قلوبهم عن قبول الحق ، فإن التحريف في الكتاب ، على ما ألقاه الشيطان فتنة لهم ، لأنه يزيدهم كفرا وضلالا فإنه يعطيهم الدلالة ، حتى يتمكنوا من الهدم أكثر من ذي قبل (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والنفاق (لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) كأنهم في شقة منحرفة عن الجادة المستقيمة والشقة التي فيها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بعيدة جدا عن الجادة ، فليسوا كالعصاة الذين هم في شقة قريبة ، إذ انحراف العاصي يسير بالنسبة إلى انحراف الكافر والمنافق ، والمعنى أن الكفار ، والذين في قلوبهم مرض ، الذين يتخذون التحريف ، وسيلة للريب والهدم إنهم بعيدون عن الجادة المستقيمة ، وإلا فما يمنعهم عن تصحيح القراءة بسبب الرسول والمؤمنين؟ إنهم يريدون الكفر والنفاق والشك والتهريج ، لا الحق ، ولا الواقع ، حتى