وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)
____________________________________
يبحثوا الشيء عن أصله ومورده.
[٥٥] وكما أن التحريف يسبب ضلالا وكفرا للذين في قلوبهم مرض ، والقاسية قلوبهم ، كذلك يسبب هداية وإيمانا بالنسبة إلى المؤمنين إذ الإنسان الطالب للحقيقة ، إنما يقوي إيمانه ، إذا رأى الاستقامة في وسط الاضطراب ، ورأى الحق في جنب الباطل ، فإن الأشياء تعرف بأضدادها فإذا رأى الذين أوتوا العلم القرآن ، لم يتغير ولم يتبدل ، وقاسوه بما ألقي فيه من التحريف ليروا الفرق الظاهر بين كلام الله وكلام الشيطان ، ازدادوا إيمانا ويقينا (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي أعطوا العلم فهم عالمون فاهمون (أَنَّهُ) أي القرآن الذي أريد فيه الزيادة أو النقصان (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) ولذا بقي ناصعا مشرقا ، لم يؤثر فيه التشويش والتحريف (فَيُؤْمِنُوا بِهِ) بالنسبة إلى غير من آمن إلى هذا الوقت ويثبتوا على الإيمان بالنسبة إلى المؤمن ، فإن للإنسان في كل آن إيمان ، وفي كل لحظة هداية. فإن الإيمان فعل القلب الذي يصدر منه آنا فآنا (فَتُخْبِتَ) أي تخضع (لَهُ) أي للقرآن ، المستفاد من قوله : إذا تمنى (قُلُوبُهُمْ) وتكون أكثر إيمانا به والتزاما له (وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي يهديهم في كل خطوة من خطوات الحياة المظلمة ، فمن أسلس قيادة الله بالإيمان ، هداه حينا بعد حين (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) لا عوج فيه ولا انحراف.
[٥٦] أما الكفار ، فإنهم يبقون في غيهم إلى أن يموتوا ، وذلك ، لأنهم لم