ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
____________________________________
[٣٢] (ثُمَ) بعد إهلاك أولئك (أَنْشَأْنا) أوجدنا وأحيينا (مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) أي جماعة وأمة ، وإنما سمي قرنا ، لاقتران بعضهم ببعض في الزمان ، ولعل المراد قوم صالح ، لقوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) (١) فإنها أخذت قوم صالح «كما سبق».
[٣٣] (فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) أي من أنفسهم ، فلم يكن ملكا ، ولا من غير قومهم ، وهو صالح ، فقال لهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده لا شريك له (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أي ليس لكم إله غير الله ، فهذه الأصنام التي تعبدونها باطلة (أَفَلا تَتَّقُونَ) استفهام إنكاري ، أي ألا تخافون عذاب الله؟
[٣٤] (وَقالَ الْمَلَأُ) جماعة الأشراف (مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) قوم صالح (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ) أي قالوا إنهم لا يلاقون الآخرة ، لاعتقادهم بعدم وجود الآخرة (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي أنعمنا عليهم في هذه الحياة ، وكأن الإتيان بهذا الوصف للدلالة على سوء صنيعهم حيث بدلوا النعمة كفرا ما هذا الذي يدعي الرسالة ، وهو صالح (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فكيف يمكن أن يكون رسولا؟ بزعمهم إن الرسول
__________________
(١) الحجر : ٧٤.