حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦)
____________________________________
[٦٥] وقد تمادى هؤلاء الكفار في غيهم وضلالهم (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ) وهم المتنعمون منهم (بِالْعَذابِ) والاختصاص بهم ، لأنهم ، هم مورد الكلام ، وسبب إضلال الناس ، وطبيعي ، أن يأخذ العذاب سائرهم ، فإن العذاب إذا جاء عم (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) أي يضجون لشدة العذاب ويجزعون ، قال «جأر» إذا رفع صوته مستغيثا ، وقد ورد في مصداق من مصاديق هذا العذاب ، أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا على الكفار ، فقال : اللهم أشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف ، فابتلاهم بالقحط ، حتى أكلوا الجيف والكلاب والعظام المحترقة والقذر ، والأولاد (١).
[٦٦] فيقال لهم حينذاك (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) ولا تضجوا (إِنَّكُمْ مِنَّا) أي من جهتنا وطرفنا (لا تُنْصَرُونَ) فإن العذاب لا محالة نازل بكم حتى يلحقكم بالنار.
[٦٧] هل نسيتم أعمالكم السابقة؟ وكلما كان يقال لكم : أقلعوا وتوبوا ، كنتم سادرين في غيكم لا تعيرون الدعوة أي بال؟ فل (قَدْ كانَتْ آياتِي) الدالة على التوحيد ، وسائر الشؤون الدينية (تُتْلى عَلَيْكُمْ) تقرأ على مسامعكم (فَكُنْتُمْ) أيها الكفار الذين أخذكم العقاب (عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) أي تدبرون وترجعون القهقرى ، فإن الإنسان
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٩ ص ١٢٨.