مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)
____________________________________
الراجع نحو خلفه يضع عقب قدمه أولا على الأرض ، بخلاف الإنسان المقبل الذي يضع صدر قدمه أولا عليها ، والنكوص رجوع القهقرى ، وهو أقبح أقسام المشي ، فقد شبه الإنسان المعرض عن الحق بالذي يتقهقر إذا سمع الحق ، كأنه يريد الفرار ، مع أن يكون رائيا له ، حتى يغالي في الاستهزاء والاستنكار.
[٦٨] في حال كونهم (مُسْتَكْبِرِينَ) متكبرين عن قبول الحق (بِهِ) أي بسبب ما يتلى عليهم من الإيمان ، فإن المعاند إذا سمع الحق زاد كبرا وعتوا (سامِراً تَهْجُرُونَ) أي تقولون الهجر ـ وهو الكلام البذيء ـ حول الرسول والرسالة ، في لياليكم إذا تسمرون ، والسمر هو التحدث ليلا ، والإتيان ب «سامر» مفردا مع أنه وصف للجميع ، باعتبار كل واحد ، وفيه تفنن في الألفاظ مفردا وجمعا ، وهو نوع من البلاغة ، ويحتمل أن يكون «به» متعلقا ب «تهجرون» أي تهجرون بما يتلى عليكم ، وعلى كل فهذا إشارة إلى ما كان فيه كفار مكة ـ كما هو عادة كل كافر في كل زمان ـ أن يسامرون حلقا حلقا ، فكان من حديثهم الطعن والاستهزاء ، بالقرآن والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[٦٩] (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) الذي أنزل إليهم ، حتى يعرفوا صدقه؟ (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ)؟ فرأوه شيئا جديدا ، والناس لا يذعنون للشيء الجديد ، فلقد أرسل الله تعالى إلى البشر أنبياء قبل الرسول ، كموسى عليهالسلام وعيسى عليهالسلام ، وإبراهيم عليهالسلام ، وغيرهم ، فما يمنع هؤلاء عن الإيمان؟