أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ
____________________________________
[٧٠] (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ) بالصدق والأمانة والصفات الخيرة (فَهُمْ) لذا (لَهُ) أي للرسول (مُنْكِرُونَ) فإن الإنسان إذا رأى من أحد ادعاء كبيرا ، ولم يعرف مزايا ذلك الشخص لم يرضخ له ، واحتمل فيه الكذب والدجل ، لكن هؤلاء يعرفون الرسول حق معرفته.
[٧١] (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) أي جنون ، والكلام الذي يقوله إنما هو كلام المجنون؟ فليس هذا صحيحا ، حتى عند أولئك الذين رموا به يريدون تنفير الناس عنه (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) الذي لا مرية فيه ولا شبهة (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) فإن هذا هو السبب الوحيد الذي يمنعهم عن الإيمان ، وإلا فليس لهم ما يبرر موقفهم العدائي ، ولو حجة ضئيلة واهية ، ولقد كان هذا عادة الناس ، فإن الحق لما يوجب زحزحة بعض مكانهم يكرهونه ، ويختلقون حوله ألف وصمة ومنقصة.
[٧٢] إنهم يريدون أن يكون الرسول وفق أهوائهم وشهواتهم ، حتى يصدقوه ، ويعترفوا به ، كما قال سبحانه : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (١) (وَ) الحق لا يمكن أن يتبع الأهواء ف (لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) وميولهم ، كأن يعترف بالأصنام وبسائر ما يأتون من المنكرات (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) ، فإن هوى هذا الإنسان أن يمطر في غير فصله ، وهوى ذاك أن يهلك أعداءه ، وهكذا ، أو المراد
__________________
(١) القلم : ١٠.