بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٣)
____________________________________
باتباع الحق أهواءهم أن يجعل الله لنفسه شريكا يعطي له التصرف في الملك كما يتصرف هو تعالى ، فإنه موجب لتغيير الأجرام وفساد الأوضاع ، إذ ليس لأحد من الحكمة كالله سبحانه ، وربما قيل أن فساد السماء عدم المطر ، وفساد الأرض عدم النبات ، وفساد الناس فيهما (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) أي أرسلنا إليهم ، ما يبقي ذكرهم لدى الأجيال بالخير لو آمنوا به ـ كما بقي ذكر من آمن بكل تجلة واحترام ـ (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ) الذي فيه شرفهم وحسن سمعتهم (مُعْرِضُونَ) راضون بالخمول ، وأن يذهب حسن سمعتهم أدراج أهوائهم ، ولقد حاول القرآن الحكيم إقناعهم بكل الطرق حتى بهذا الطريق ، لكنهم أبوا إلا العناد واللجاج.
[٧٣] (أَمْ تَسْأَلُهُمْ) يا رسول الله (خَرْجاً) أي أجرا على الرسالة ، فإنهم لا يقبلون رسالتك خوفا من المال والضريبة؟ (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) أي أجر الله سبحانه لك على إرشادك ، وتعليمك (خَيْرٌ) مما ينتظر من البشر المحتاج المفتقر (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أفضل من جميعهم ، لأنه يعطي كثيرا ، ولا يطلب في المقابل شيئا ، ولا يمن على من يمنحه الرزق.
[٧٤] (وَإِنَّكَ) يا رسول الله (لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فلا التواء في العقيدة ولا انحراف في الشريعة ، وإنما سائر العقائد والطرق ملتوية منحرفة ، فهل يخافون إن قبلوا دعوتك أن تضلهم وتحرفهم عن الجادة؟