إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١)
____________________________________
الكاملة ، يرسل ملائكة لحفظ الإنسان ، فلا يخرج الإنسان من تحت قدرته واطلاعه بواسطة أولئك الملائكة ، كما أنه ليس بخارج بالذات ، وكان أمثال هذه الأمور ، من باب أن الله جعل لكل شيء سببا ، وإلّا لم يحتج تعالى إلى أي من ذلك ، ثم أنه سبحانه يتعقبهم بالحفظة ، لمراقبة أمورهم ، وما يحدثونه من تغيير بأنفسهم وأحوالهم ، ليرتب عليه تغييرا لهم ف (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) أي الحالة التي هي نازلة بقوم ، من عز أو ذل ، نعمة أو نقمة ، رفعة أو انحطاط ، صحة أو مرض ، إلى غيرها (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) أي يغيروا الحالة التي هي بأنفسهم ، فإذا جدّوا واجتهدوا في العمل ، أورثهم العز والسيادة ، وإذا كسلوا أورثهم الانحطاط والذلة ، وإذا تناولوا المحرمات أورثهم الأمراض ، وإذا اتقوا أورثهم الصحة ، وهكذا ، فإن كل حالة فردية أو اجتماعية ، فإنما هي وليدة عمل الفرد والجماعة ، (وَإِذا) عمل القوم بالمعاصي والمنهيات ف (أَرادَ اللهُ) بذلك القوم (سُوْءاً) من عذاب ، أو ذلة أو مرض ، أو فقر ، أو ما أشبه (فَلا مَرَدَّ لَهُ) أي لا دافع له ، فلا يظن الناس أنهم يعملون بأسباب البلاء ، ثم يقف المال أو السلطة ، أو ما أشبههما حسدا دونه (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ) من دون الله (مِنْ والٍ) يلي أمورهم ، وذلك واضح ، فإن الله سبحانه جعل للحياة السعيدة خطوطا عريضة ، فمن انحراف عنها شقي ، ومن سار عليها سعد ، والانحراف موجب للشقاء ، وإن توسل الإنسان بألف وسيلة ووسيلة لسعادته ، والاستقامة موجبة للسعادة ، وإن كاد له كل شيء.