وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ
____________________________________
والاستعداد ، كما يشعر بذلك كونه من باب الاستفعال ، الذي كان الأصل فيه الطلب ، يقال : استخرج بمعنى طلب الخروج و «الحسنى» صفة لمحذوف ، أي الحالة الحسنة ، في الدنيا والآخرة ، فإن مناهج الله سبحانه ودساتيره في الحياة ، توجب الراحة والرفاه والسعادة في النشأتين ، فالذين قبلوا أوامر الله سبحانه ، فلهم الحالة الحسنة (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) أي لله تعالى ، فلم يؤمنوا به ، ولم يمتثلوا بأوامره ، فلهم أسوأ الحالات ، أما في الدنيا (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) وأما في الآخرة ـ وهي العمدة ـ فإنهم في شقاء وعذاب ، حتى (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ) من الثروة (جَمِيعاً) ، لا يشاركهم فيها أحد ، فلهم كل المناصب ، وكل الأموال ، وكل الأراضي والأنهار ، وكل الخدم والحشم (وَمِثْلَهُ مَعَهُ) حتى كأنّ هناك أرضين ، ولهم اثنتان ـ وهذا من باب المثل ، وإلا فالمراد ، أن كل الأشياء لا تنفعهم ، وإن كانت آلاف الأراضي ، كما تقدم شبه ذلك في قوله سبحانه ، (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) ـ (لَافْتَدَوْا بِهِ) أي جعلوا ذلك كله فدية لأنفسهم من العذاب ، والفدية هي التي تعطى لإنقاذ النفس ، كالفداء ، ولكن لا تنفعهم الفدية ، (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) والمراد بسوء الحساب العدل فيه ، وإنما سمى سوءا ، لأنه يسيء إلى المحاسب المذنب ، وهذا بخلاف المؤمن المطيع ، فإنه يحاسب حسابا يسيرا ، ويتفضل عليه بغفران ذنبه ، وعدم المناقشة معه في حسابه ، ولذا ورد : ربنا عاملنا بفضلك ، ولا تعاملنا بعدلك (وَمَأْواهُمْ) أي مصيرهم من أوى يأوي ، بمعنى اتخذ المأوى ،