جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨) أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ
____________________________________
والمحل والمكان (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) المهاد الفراش ، سمي بذلك ، لأن الإنسان يمهده لنفسه ، ويهيئه لراحته ، أي بئس ما مهدوا لأنفسهم من النار.
[٢٠] وهنا يأتي الفرق بين المؤمن والكافر ، بعد ما بين الفرق بين الإيمان والكفر ـ وإن الأول كالماء ، والفلز ، والثاني كالزبد ـ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما) «ما» موصولة ، أي أن القرآن الذي (أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يا رسول الله (مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) فيؤمن ، ويخضع ويطيع ، فهو بصير بالحق يراه ، ويعمل به (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) لا يرى الحق ولا يبصره ، والاستفهام إنكاري ، أي ليس هذان متساويين (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي أصحاب العقول ، فإنهم هم الذين يعملون أفكارهم ، ليتذكروا الحقائق ، ويستدلون من الأثر إلى المؤثر ، ومن الكون إلى إله الكون.
[٢١] ثم وصف المؤمن المشار إليه بقوله «أفمن يعلم» وقال في حقهم أنهم أولوا الألباب ، فإنهم هم (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) المودع في فطرتهم ، ولو لا عهده معهم ، لم تكن فطرتهم ترشدهم إلى ذلك ، إذ لا يمكن للإنسان أن يترشح منه إلا ما هو فيه ، وإلا فكيف يعرف الإنسان أن للكون إلها ، وهكذا كيف يعرف أن العدل حسن ، لو لم يودع فيه ما يترشح منه ذلك؟ هذا بالإضافة إلى أخذ الأنبياء العهد من أممهم ، والعهد المأخوذ ، وإن كان من الآباء ، لكن الأبناء ، حيث أدخلوا