كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠)
____________________________________
[٣١] إن هؤلاء الذين يطلبون الخوارق حالهم كحال من سلف من الأمم ، وقد أرسلنا في تلك الأمم رسلا ، لكنهم أبوا إلا الكفر ، كما أن ذلك لم يضر الرسل ، فلتمضي يا رسول الله على نهجك (كَذلِكَ) أي كما أرسلنا في الأمم السابقة رسلا (أَرْسَلْناكَ) يا رسول الله (فِي أُمَّةٍ) من الناس ، وهم المعاصرون لك (قَدْ خَلَتْ) أي مضت من خلا بمعنى مضى (مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) أرسلت إليهم الرسل ، وإنما أرسلناك (لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من القرآن ، وسائر الأحكام المنزلة (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) الذي يرحمهم ، ويتفضل عليهم ، أنه في غاية العجب أن يتفضل الله بالرحمة ، ويتلو رسوله عليهم الآيات ، ثم هم يعرضون عن الرسول ، ويكفرون بالله ، فإن أعرضوا (قُلْ) يا رسول الله (هُوَ رَبِّي) وامض في طريقك في الإعلان والإرشاد (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فما عداه من الأصنام والمعبودات باطلة ، لا تستحق العبادة (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فوضت أمري ، مستمسكا بطاعته (وَإِلَيْهِ مَتابِ) من تاب بمعنى رجع ، أي إليه مرجعي ، فإنه مصدر ميمي يقال تاب يتوب ومتابا.
[٣٢] إن الكفار يطلبون الخوارق ، ولا يطمئنون إلى ذكر الله القرآن الحكيم ، وإنا قد أرسلناك ، لتتلو عليهم القرآن ، وما أعظمه من كتاب ، فإنه من العظمة والتأثير ، حتى لتكاد تسير به الجبال ، وتتقطع به الأرض ، ويكلم به الموتى ، لما فيه من قوة وطاقة وتأثير ، ولكن هؤلاء قست