وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى
____________________________________
قلوبهم ، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، فلا يؤمنون به ، ويطلبون آية غيره ، إنا أرسلناك لتتلو عليهم هذا القرآن (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) أي مقروءا ، أي لو كان هناك قرآن (سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) بأن يقرأ على جبل فيسير من شدة تأثيره وطاقته المسيرة للجماد (أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) بأن يقرأ على الأرض ، فتنشق من طاقته الهائلة ، التي تنشق الأرض من هيبته (أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) بأن يقرأ على الميت ، فيتكلم الأحياء بسببه ، أو المراد يحيي الميت ـ فالتكلم كناية عن الحياة ـ أي لو أن قرآنا كان كذلك ، لكان هو هذا القرآن ، ولكن الكفار مع ذلك يطلبون غيره ، ولا يكتفون به ، فجواب «لو» محذوف وهذا كما يقال : فلان يبكي حتى يتأثر به الحجر يراد أن في بكائه من الحرارة واللوعة ، ما يكفي لأن يؤثر في الحجر ، وفلان منطيق ، يؤثر كلامه في الأموات ، يراد أن في نطقه من التأثير ما يجعله صالحا لأن يؤثر في الأموات ثم أن هذا القرآن يؤثر ـ بالفعل ـ هذه التأثيرات ، ولكن بشرط أن يتلوه الإنسان الصالح ، فهو كالسيف الذي يصلح أن يجز الرقاب ، ولكن إذا كان بيد الشجاع ، وقد روي عن الإمام الكاظم عليهالسلام أنه قال : قد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ، وتقطع به البلدان ، وتحيي به الموتى (١). والمراد بإرثه بذلك المعنى ، لا إرث ألفاظه وأوراقه ، فإنهما عامان لكل المسلمين ، كما أنه ربما أطلق الإرث وأريد به إرث المعاني مما خفي على كثير من الناس ، ولذا انحرفوا فصاروا مجسمة ومجبرة ، وما أشبه
__________________
(١) الكافي : ج ١ ص ٢٢٦.