الموضع السادس عشر :
الآيات التي جاءت في سورة الزخرف ، والتي تبدأ بقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١) والتي تختم بقوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ* فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٢).
ويلاحظ في هذا الموضع من القصّة ما يلي :
أنّ هذا المقطع القرآني من القصّة جاء في سياق الحديث عن شبهة أثارها الكفار في وجه الدعوة (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)(٣).
وقد ناقش القرآن الكريم هذه الشبهة من ناحيتين :
الاولى : أنّ الرزق والمال ليس عطاء بشريا أو نتيجة للجهد الشخصي والذكاء والعبقرية والفضل فحسب ، بل هو عطاء إلهي له غاية اجتماعية تنظيمية (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)(٤).
__________________
(١) الزخرف : ٤٦.
(٢) الزخرف : ٥٥ ـ ٥٦.
(٣) الزخرف : ٣١.
(٤) الزخرف : ٣٢.