(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(١).
ولما تبيّن لإبراهيم أنّ أباه عدو لله تبرأ منه أيضا (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)(٢).
٥ ـ وفي تطور آخر بدأ إبراهيم يخطط للدخول في مواجهة عملية وميدانية فعلية ، ولم يكتف بالحديث والكلام والبراءة من قومه وممّا يعبدون.
وكان إبراهيم قد توعّد قومه أن يكيد لاصنامهم ، فخرج قومه ذات يوم إلى عبادة جامعة لهم خارج البلد ، أو إلى عيد من أعيادهم ، أو يوم من أيامهم يخرجون فيه من منازلهم إلى خارج البلد ـ كما يفعل بعض الناس ذلك في يوم ١٣ فروردين من السنة الشمسية في بلاد فارس وغيرها ـ وتخلّف عنهم إبراهيم متعللا بالسقم ، فلم يخرج معهم ، ودخل بيت الأصنام وأخذ قدوما بيده ، فراغ على آلهتهم ضربا باليمين ، فجعلهم جذاذا وأجزاء محطمة ، واستثنى من ذلك كبير الأصنام ، لعلّهم يرجعون إليه بالسؤال ؛ لمعرفة الحقيقة.
فلمّا رجعوا ، وشاهدوا ما حدث لآلهتهم أخذوا يسألون ، ويفتشون عمّن فعل بهم ذلك ، فقال بعضهم : سمعنا فتى يذكرهم يقال له : إبراهيم.
__________________
(١) الممتحنة : ٤.
(٢) التوبة : ١١٤.