فأحضروا إبراهيم إلى مجمعهم ، وأتوا به على أعين الناس ؛ ليشهدوا استنطاقه.
وانتهز إبراهيم هذه الفرصة ليبلّغ دعوته مع الحجّة البالغة والدليل الواضح ـ كما صنع موسى عليهالسلام بعده في قضية المباراة مع السحرة ـ.
قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟!.
قال لهم إبراهيم عليهالسلام : ـ على نحو الاحتجاج والالزام لا الجد والاخبار ، ليكشف لهم حقيقة الاصنام عمليا ـ إنّ هذا ممّا فعله كبيرهم بهم ـ وأشار إليه ـ فاسألوهم إن كانوا ينطقون.
وقد قال لهم ذلك وهو يعلم أنّه لا يصدقونه على ذلك ؛ لأنّهم يعلمون أنّ هذه الأصنام جمادات لا يقدر أيّ واحد منهم على هذا الفعل ، ولا على الاخبار عن الواقع. وبذلك يكون إبراهيم قد ألزمهم بالحجّة العملية ، وواجههم بعجز هذه الأصنام وعدم قدرتها على الضر ، أو النفع ، أو الكلام ، أو السمع.
ولذلك لمّا سمعوا منه هذا الكلام رجعوا إلى أنفسهم ، فعرفوا الحقيقة ، وقالوا : إنّكم أنتم الظالمون بعبادة الأوثان وبالشرك بالله تعالى.
ولكنّهم نكسوا على رءوسهم مرة اخرى ، وأخذتهم العزّة بالاثم والجحود ، فقالوا : لقد علمت أنّ هؤلاء لا ينطقون؟!
قال : أفتعبدون من دون الله ما لا يضرّكم ، ولا ينفعكم؟! أفّ لكم وما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون. أتعبدون ما تنحتونه بأيديكم ، وتصنعونه بأنفسكم وتتركون عبادة الله الذي خلقكم ، وما تعملون؟!
٦ ـ وفي تطور آخر للموقف نجد قوم إبراهيم ـ وعلى رأسهم ملكهم النمرود على ما ذكرته بعض النصوص التأريخية والروايات ـ يتخذون قرارا ، ويصدرون