حكما بإحراق إبراهيم عليهالسلام عقابا له على هذا العمل الذي كانوا يرونه جريمة من أكبر الجرائم في حقّهم وحقّ مجتمعهم ، وذلك بعد أن كانوا قد نكسوا على رءوسهم ، واستمرارا منهم في موقفهم ، وأخذوا يحرّض بعضهم بعضا على نصرة آلهتهم ، فبنوا له بنيانا ، وأسعروا فيها جحيما من النار ، وقد اشترك في هذا الأمر عامة الناس ، وألقوه في الجحيم التي أسعروها من خلال رميه بالمنجنيق على ما تذكر بعض النصوص.
٧ ـ وهنا حدثت المفاجأة التي ادهشت الجميع ؛ إذ إنّ الله ـ سبحانه ـ أمر النار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم ، وأبطل كيدهم بذلك.
وتذكر بعض النصوص أن نمرود نظر إلى إبراهيم عليهالسلام وقد أنجاه الله ـ تعالى ـ من النار ، فقال متعجبا : من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم.
٨ ـ وقد ادخل إبراهيم عليهالسلام في مثل هذه الأحوال على الملك ، وكان يعبده القوم ، ويتخذونه ربا ، فحاجّ الملك إبراهيم في ربّه (١).
فقال له الملك : من ربّك هذا؟ قال إبراهيم : ربي الذي يحيي ويميت ، قال له الملك : أنا احيي وأميت. فقال له إبراهيم : كيف تحيي وتميت؟ قال أعمد إلى رجلين ممّن وجب القتل لهما ، فأطلق أحدهما وأعفو عنه ، وأقتل الآخر ، فأكون قد أمت وأحييت (فقال إبراهيم عليهالسلام إن كنت صادقا فأحيي الذي قتلته). ثم قال إبراهيم عليهالسلام : يا هذا فإنّ ربي يأتي بالشمس من المشرق ، فات بها من المغرب!
__________________
(١) ويقول علي بن إبراهيم القمي في تفسيره : إنّ هذه الواقعة كانت بعد نجاته من الإحراق بالنار ـ وهذا هو مقتضى التسلسل الطبيعي للأحداث ـ حيث أثار ذلك عند الملك هذا السؤال.