.................................................................................................
______________________________________________________
من وجوب التستّر على المرأة ، وقد تقدّم في مخالفة الخطاب الإجمالي المردّد بين خطابين كونه كالخطاب التفصيلي في حرمة المخالفة مطلقا.
ثمّ إنّ المصنّف رحمهالله قد عدل عن مقتضى القاعدة تارة بإبداء المانع مع تسليم المقتضي من لزوم العسر والمشقّة ، واخرى بذكر ما يوهن المقتضى ، من كون رجوع الخطابين إلى خطاب واحد مفيدا في حرمة المخالفة القطعيّة لا في وجوب الموافقة القطعيّة. والأوّل واضح. وأمّا الثاني فالوجه فيه أنّ الخطاب الثالث المأخوذ من الخطابين ليس ممّا له تأصّل ، بل هو منتزع منهما ، ولا ريب أنّ المدار عند العقلاء في باب الإطاعة والمخالفة على الخطابات الأصليّة دون الانتزاعيّة ، فمثل هذا الخطاب لا يترتّب عليه حكم الخطاب الأصلي المفصّل. فالمقام من قبيل دوران الأمر بين الخطابين ، وحينئذ يمكن أن يقال بكفاية ذلك في إثبات أصل التكليف في الجملة لا في إثبات الموافقة القطعيّة. ووجه الفرق أنّ الخنثى حيث تعلم بتوجّه خطاب إليها ـ لاندراجها تحت عنوان الرجل أو المرأة يقينا ، على ما هو الفرض من عدم كونها طبيعة ثالثة ـ يحرم عليها المخالفة للتكليف المعلوم إجمالا توجّهه إليها ، لكونها عصيانا لله تعالى ، بخلاف الموافقة القطعيّة ، إذ ليس في تركه إلّا احتمال المخالفة ، ولا بأس به ، لكون المخالفة الاحتماليّة لأحد الخطابين فصاعدا في الشرع فوق حدّ الإحصاء ، إذ أكثر الموضوعات الخارجيّة يعلم إجمالا بكون بعضها نجسا أو غصبا ، ومع ذلك لا يقول أحد بوجوب الاجتناب عن جميعها.
هذا غاية توضيح ما ذكره المصنّف رحمهالله. وتوجّه النظر إليه جليّ ، لتوقّفه على منع المقدّمة العلميّة ، وهو باطل عند المصنّف رحمهالله. وعدم وجوب الاجتناب عن الشبهات الموضوعيّة إنّما هو لعدم العلم بتوجّه خطاب إليه ، لخروج أكثرها من محلّ الابتلاء ، وإلّا فعدم وجوب الاحتياط مع فرض العلم بتوجّه أحد الخطابين ممنوع.
وبالجملة ، إنّ الفرق بين الخطاب المفصّل والمردّد بين خطابين ضعيف ، مضافا إلى ما عرفت في الحاشية السابقة من كون مناط حرمة مخالفة الخطاب المردّد