فمقتضى القاعدة احترازها عن غيرها مطلقا ؛ للعلم الإجمالي بحرمة نظرها إلى إحدى الطائفتين ، فتجتنب عنهما مقدّمة.
وقد يتوهم أنّ ذلك من باب الخطاب الإجمالي ؛ لأنّ الذكور مخاطبون بالغضّ عن الإناث وبالعكس ، والخنثى شاكّ في دخوله في أحد الخطابين. والتحقيق هو الأوّل ؛ لأنّه علم تفصيلا بتكليفه بالغضّ عن إحدى الطائفتين ، ومع العلم التفصيلي لا عبرة بإجمال الخطاب ، كما تقدّم في الدخول والإدخال في المسجد لواجدي المني.
مع أنّه يمكن إرجاع الخطابين إلى خطاب واحد ، وهو تحريم نظر كلّ إنسان إلى كلّ بالغ لا يماثله في الذكورية والانوثيّة عدا من يحرم نكاحه.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الكفّ عن النظر إلى ما عدا المحارم مشقّة عظيمة ، فلا يجب الاحتياط فيه ، بل العسر فيه أولى من الشبهة الغير المحصورة. أو يقال : إنّ رجوع الخطابين إلى خطاب واحد في حرمة المخالفة القطعيّة ، لا في وجوب الموافقة القطعيّة ، فافهم. وهكذا حكم لباس الخنثى ؛ حيث إنّه يعلم إجمالا بحرمة واحد من مختصّات الرجال كالمنطقة والعمامة أو مختصّات النساء عليه ، فيجتنب عنهما. وأمّا حكم ستارته في الصلاة : فيجتنب الحرير ويستر جميع بدنه.
______________________________________________________
دون تخيير الملتفت الشاكّ من أوّل الأمر كما في ما نحن فيه.
وثانيا : بأنّ مورد النصّ هو الجاهل بالحكم دون الموضوع ، والفرض هنا علم الخنثى بتكليف كلّ من الرجل والمرأة ، وجهلها إنّما هو في اندراجها تحت أحد العنوانين مع العلم بعدم خروجها منهما.
وأمّا إثبات التخيير فيما نحن فيه بما دلّ على تخيّر ناسي فريضة من الفرائض الخمسة ، ففيه : ـ مضافا إلى ما ذكره المصنّف رحمهالله ، وإلى اختصاصه بالناسي ـ أنّ الجهل فيه إنّما هو بالمكلّف به ، وفيما نحن فيه باندراج المكلّف تحت أحد العنوانين بالخصوص ، ولا دليل على التعدّي. فالجمع بين كلامي الشهيد بما ذكر ضعيف ، كضعف ما تقدّم عن المحقّق القمّي رحمهالله من دعوى التدافع بينهما. ويظهر وجهه من ملاحظة ما بيّنّاه في توضيح ما اختار المصنّف رحمهالله.