.................................................................................................
______________________________________________________
والتعبّد كذلك. ولا سبيل إلى الثاني ، إذ لا شكّ أنّ اعتبارها ليس من باب التعبّد الشرعيّ ، بأن يتعبّد بأصالة عدم القرينة بحكم الشارع ، بل هو من باب إمضاء الشارع لما استقرّ عليه بناء العقلاء ، لأنّ العمل بالظواهر ثابت في سائر الأديان أيضا ، بل عند من لم يتديّن بدين أصلا أيضا. فلا بدّ أن يكون حكم الشارع باعتبارها من باب الإمضاء والتقرير لما استقرّت عليه طريقتهم. ولا ريب أنّ العقلاء لا يبنون على شيء من دون ملاحظة رجحان فيه ، وبعد ما عرفت من بطلان كون رجحان الظواهر لأجل إفادتها للظنّ الشخصي ، تعيّن أن يكون ذلك لأجل إفادتها للظنّ النوعي دون التعبّد المحض.
فإن قلت : إنّ إقدامهم على العمل بالمرجوح يلزم على تقدير اعتبارها من باب الظنّ النوعي أيضا ، إذ مقتضاه الأخذ بها ولو مع الظنّ بخلافها فضلا عن صورة الشكّ.
قلت : ليست الحال على ما وصفت ، لأنّ الظنّ النوعي قد أخذ فيه ما لم يؤخذ في التعبّد ، لأنّ الظواهر على الأوّل قد لوحظ فيها كونها مفيدة للظنّ بالطبع ما لم يمنعها مانع ، وحينئذ فغلبة مطابقتها للواقع تصلح مرجّحة للعمل بها عندهم ، وإن لم تكن مفيدة للظنّ الفعلي في بعض الأحيان ، بخلاف ما لو اعتبرت من باب التعبّد ، لكون جهة المطابقة للواقع والكشف عنه ملغاة حينئذ في العمل بها.
وممّا يشهد بكون هذا الرجحان النوعي صالحا للترجيح في عمل العقلاء اختلاف العلماء بعد تمهيد مقدّمات دليل الانسداد في كون نتيجتها اعتبار الظنون الشخصيّة أو النوعيّة ، وقد اختار الثاني جماعة ، ولو لم يكن هذا الرجحان النوعي المبنيّ على غلبة المطابقة صالحا للترجيح عند العقلاء لم يكن وجه لاعتبار العقل ذلك ، ومذهب المحقّقين في ذلك وإن كان اعتبار الظنون الشخصيّة إلّا أنّ اختلافهم فيه كاف في استشهاده بما ذكرناه.
ومثله ما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله ، لأنّه بعد أن التجأ في إخراج القياس من تحت