.................................................................................................
______________________________________________________
قلت بعد التسليم : إنّ عدم تحقّق العلم الإجمالي المذكور لا ينافي الظنّ بوجود مخصّصات ومقيّدات في غير الأخبار الموجودة بأيدينا اليوم ، وهذا الظنّ مانع من إفادة الظواهر للظنّ النوعي.
وثانيهما : مع تسليم إمكان الفحص أنّه لا ريب أنّ إفادة تلك الظواهر للظنّ النوعي مشروطة بعدم معارضتها بظنون نوعيّة خارجة وإن كانت غير معتبرة ، إذ الطريق المزاحمة بمثلها لا تصلح لأن تكون طريقا إلى الواقع. ولذا حكم المصنّف رحمهالله في خاتمة الكتاب بأنّ مقتضى القاعدة في تعارض الخبرين هو التساقط إن قلنا باعتبارهما من باب الطريقيّة دون السببيّة ، مع ثبوت عمل العلماء وأهل العرف بها حينئذ مع وجود المعارض المذكور ، ولذا لا يعتني بوجود الشهرة وعدم الخلاف في مقابل الظواهر. وكذا إذا أمر المولى عبده بضيافة العلماء ، وظنّ العبد نوعا أو شخصا من أمارة خارجة بعدم إرادته ضيافة بعض أفراد العامّ وترك ضيافة ذلك البعض ، فلا يسمع منه ذلك إذا اعتذر بعدم حصول الظنّ ، بل ومع حصول الظنّ له بعدم إرادة هذا الفرد.
فإن قلت : إنّه قد تقدّم أنّ العقلاء لا يبنون على أمر من دون ملاحظة رجحان فيه ، لعدم إقدامهم على ترجيح المرجوح أو الترجيح بلا مرجّح ، لأنّ عقلهم مانع من الإقدام عليه.
قلت : إنّ الغرض من وضع الألفاظ لمّا كان هي الإفادة والاستفادة ، وكانت الظواهر غالبة المطابقة للواقع ، فتعبّدوا بها في تأدية المراد وإن لم تفد الظنّ بالمراد ولو نوعا في بعض الموارد ، لأنّ الأخذ بقوالب الألفاظ بحسب وضعها شخصا أو نوعا لمّا كان طريقا منضبطا سلكوا هذا المسلك في إفادة المرادات. وهذا المقدار كاف في رجحان تعبّدهم بالظواهر ، مع أنّ العمدة في المقام بيان كيفيّة عملهم بها ، وأنّها من حيث الكشف الظنّي عن المراد شخصا أو نوعا أو من حيث التعبّد ، ولا يهمّنا بيان النكتة في ذلك. وقد عرفت ثبوت بنائهم على العمل بها من باب