المخالف للمشهور ؛ ولذا لا يتأمّلون في العمل بظواهر الكتاب والسّنة المتواترة إذا عارضها الشهرة. فالتأمّل في الخبر المخالف للمشهور إنّما هو إذا خالفت الشهرة نفس الخبر ، لا عمومه أو إطلاقه ، فلا يتأمّلون في عمومه إذا كانت الشهرة على التخصيص.
نعم ، ربّما يجري على لسان بعض متأخّري المتأخّرين من المعاصرين ، عدم الدليل على حجّية الظواهر إذا لم تفد الظنّ أو إذا حصل الظنّ الغير المعتبر على خلافها.
لكنّ الإنصاف أنّه مخالف لطريقة أرباب اللسان والعلماء في كلّ زمان ؛ ولذا عدّ بعض الأخباريّين (٥٢) كالاصوليّين (٥٣) استصحاب حكم العامّ والمطلق حتّى يثبت المخصّص والمقيّد من الاستصحابات المجمع عليها ، وهذا وإن لم يرجع إلى الاستصحاب (٢٦١) المصطلح إلّا بالتوجيه ، إلّا أنّ الغرض من الاستشهاد به بيان كون هذه القاعدة إجماعيّة.
وربّما فصّل بعض من المعاصرين (٥٤) تفصيلا يرجع حاصله إلى : أنّ الكلام إن كان مقرونا بحال أو مقال يصلح أن يكون صارفا عن المعنى الحقيقي ، فلا يتمسّك فيه بأصالة الحقيقة ، وإن كان الشكّ في أصل وجود الصارف أو كان هنا أمر منفصل يصلح لكونه صارفا فيعمل على أصالة الحقيقة. وهذا تفصيل حسن متين ، لكنّه
______________________________________________________
إلّا فمع الجهل بها لا تترتّب ثمرة على المقام.
٢٦١. لأنّ المراد بقولهم : استصحاب حكم العامّ والمطلق حتّى يثبت المخصّص والمقيّد ، هو استصحاب ظهورهما في الغموم والإطلاق حتّى يثبت المخصّص والمقيّد. ولا ريب أنّ ظهور الألفاظ ليس قابلا للاستصحاب ، لكونه من الامور العرفيّة الوجدانيّة ، فإن ثبت الظهور يعمل بالظاهر وإلّا ينتفي مناط العمل به ، وبمجرّد استصحاب الظهور لا يثبت للفظ ظهور ، اللهمّ إلّا أن يكون مرادهم باستصحاب حكم العامّ استصحاب عدم المخصّص ، لأنّه منشأ الظهور ، أو استصحاب الحكم المستفاد من الكلام المتضمّن للعامّ. ولعلّ أحد هذين الوجهين مراد المصنّف رحمهالله بالتأويل. لكنّهما لا يخلوان من نظر.
أمّا الأوّل فإنّه إنّما يتمّ إذا كان المخصّص المحتمل من قبيل الألفاظ ، إذ يصحّ