بنفي ذلك الاحتمال وارتفاع الإجمال لأجل ظهور العامّ ؛ ولذا لو قال المولى : أكرم العلماء ، ثمّ ورد قول آخر من المولى : إنّه لا تكرم زيدا واشترك زيد بين عالم وجاهل ، فلا يرفع اليد عن العموم بمجرّد الاحتمال ، بل يرفعون الإجمال بواسطة العموم ، فيحكمون بإرادة زيد الجاهل من النهي.
______________________________________________________
حصول الشكّ في عوده إلى ما عدا الأخيرة. ومنها : المجاز المشهور ، بناء على حصول الشكّ في كون الشهرة قرينة صارفة له عن الحقيقة. ومنها : الضمير العائد إلى بعض مدلول العامّ ، بناء على الشكّ في كونه مخصّصا للعامّ ، ودوران الأمر بينه وبين الإضمار. ومنها : الأمر الواقع عقيب توهّم الحظر على القول بالتوقّف. ومنها : لفظان أحدهما مبيّن والآخر مجمل ، يصلح الأوّل بيانا للثاني ، والثاني مورثا للإجمال في الأوّل ، إلى غير ذلك.
والحقّ وفاقا للمفصل والمصنّف رحمهالله التفصيل بين ما اقترنت بالخطاب فيه حال أو مقال كالشهرة ونحوها ممّا لا ينفكّ عن الخطاب مطلقا أو غالبا ، وبين ما انفصل عنه ، بالحكم بالإجمال في الأوّل ، والحمل على الحقيقة في الثاني. والفاصل بينهما هو العرف ، لبنائهم على أصالة الحقيقة في الثاني دون الأوّل ، سواء قلنا باعتبار الظواهر من باب الظنّ شخصا أم نوعا أو من باب التعبّد العقلائي.
ومن هنا يظهر فساد ما قدّمناه في بعض الحواشي السابقة عن صاحب المفاتيح ، من نسبة القول باعتبار الظواهر من باب الظنّ الشخصي إلى المحقّق الخونساري ، من جهة عدم حكمه بأصالة الحقيقة فيما عدا الأخير من العمومات التي تعقّبها مخصّص صالح للعود إلى الأخير والجميع.
ووجه الفساد : كون ذلك أعمّ من المدّعى ، إذ نحن مع قولنا باعتبار الظواهر من باب التعبّد أو الظنّ النوعي لا نحكم بأصالة الحقيقة وإرادة العموم فيما عدا الأخير ، لأجل ما عرفت من صيرورة اللفظ مجملا بعد اقترانه بما يشكّ في صلاحيّته للقرينة ، لعدم حصول الظنّ النوعي حينئذ أو عدم ثبوت تعبّد العقلاء به. نعم ، قد ذهب جماعة هنا إلى إعمال الأصل والحكم بإرادة العموم فيما عدا الأخير ،