وبإزاء التفصيل المذكور تفصيل آخر ضعيف (٢٦٣) ، وهو أنّ احتمال إرادة خلاف مقتضى اللفظ إن حصل من أمارة غير معتبرة ، فلا يصحّ رفع اليد عن الحقيقة ، وإن حصل من دليل معتبر فلا يعمل بأصالة الحقيقة ، ومثّل له بما إذا ورد في السّنة المتواترة عامّ ، وورد فيها أيضا خطاب مجمل (٢٦٤) يوجب الإجمال في ذلك العامّ ولا يوجب الظنّ بالواقع. قال : فلا دليل على لزوم العمل بالأصل تعبّدا. ثمّ قال : ولا يمكن دعوى الإجماع على لزوم العمل بأصالة الحقيقة تعبّدا ، فإنّ أكثر المحقّقين توقّفوا فيما إذا تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح (٥٥) ، انتهى. ووجه ضعفه يظهر ممّا ذكر ؛ فإنّ التوقّف في ظاهر خطاب لأجل إجمال (*) خطاب آخر ـ لكونه (٢٦٥) معارضا ـ ممّا لم يعهد من أحد من العلماء ، بل لا يبعد ما تقدّم من حمل المجمل في أحد الخطابين على المبيّن في الخطاب الآخر.
______________________________________________________
كصاحب المعالم وغيره. لكنّ الحقّ ما عرفت من التفصيل بين المتّصل والمنفصل.
٢٦٣. حاصله التفصيل في الأمر الموجود الذي يشكّ في كونه قرينة بين المعتبر منه وغيره ، بالقول بالإجمال في الأوّل دون الثاني ، سواء كان متّصلا أو منفصلا. وهو في الحقيقة تفصيل في بعض شقوق التفصيل المتقدّم. وحاصل ما أجاب به المصنّف رحمهالله تسليم الإجمال في المتّصل مطلقا ، ومنعه في غيره كذلك.
٢٦٤. مثل : لا تكرم زيدا في المثال المتقدّم.
٢٦٥. اللام صلة متعلّقة بقوله : «إجمال».
تنبيه : هل يجب الفحص عن القرينة في العمل بأصالة الحقيقة أم لا؟ وليعلم أنّ الكلام في المقام إنّما هو فيما لم يحصل العلم الإجمالي بوجودها ، إمّا بأن يفرض الكلام بالنسبة إلى من انفتح عنده باب العلم بالأحكام غالبا كالسيّد وأمثاله ، وإمّا بأن يفرض بالنسبة إلى من غفل عن العلم الإجمالي في المقام ، وإلّا فلا إشكال في وجوب الفحص في الجملة على ما سنشير إليه. وما يظهر من جماعة من عدم
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «إجمال» ، احتمال.