وأمّا قياس ذلك على مسألة تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح ، فعلم فساده ممّا ذكرنا في التفصيل المتقدّم من أنّ الكلام المكتنف بما يصلح أن يكون صارفا قد اعتمد عليه المتكلّم في إرادة خلاف الحقيقة لا يعدّ من الظواهر بل من المجملات ، وكذلك المتعقّب بلفظ يصلح للصارفيّة كالعامّ المتعقّب بالضمير وشبهه ممّا تقدّم.
______________________________________________________
وجوب الفحص عن المخصّص حتّى مع العلم الإجمالي به ممّا لا يصغى إليه ، كما قرّرناه في محلّه. وربّما يظهر من حجّة من منع من وجوب الفحص عن المخصّص عدم وجوب الفحص عن القرينة في المقام ، بل ربّما يظهر منها كونه اتّفاقيّا حيث استدلّ عليه بأنّه لو وجب الفحص عن المخصّص لوجب طلب المجاز في التمسّك بالحقيقة ، ولا يجب ذلك في الحقيقة اتّفاقا.
وقال المحقق القمّي رحمهالله في مقام الجواب عن هذه الحجّة : «إنّا لا نتفحّص في العامّ عن المخصّص لاحتمال أن يكون المراد معناه المجازي ، بل لأنّ وجود دليل خاصّ يرفع أحكام بعض أفراد العامّ محتمل أو مظنون ، وإن آل ذلك إلى حصول التجوّز في العامّ بعد ظهوره ، فتداخل البحثين لا يوجب كون كلّ منهما مقصودا بالذات» انتهى. وهو كما ترى صريح في وجوب الفحص عن المخصّص في العمل بالحقيقة في العامّ ، لكن لا من حيث كونه قرينة ، بل من حيث كونه معارضا لحكم بعض أفراد العامّ.
والتحقيق : عدم وجوب الفحص عن القرينة ، ولا المعارض في العمل بالحقيقة بعد ما تقدّم سابقا من كون أصالة الحقيقة معتبرة من باب الظنون الخاصّة ، لعدم الدليل عليه بعد بناء العرف على العمل بالحقيقة من دون اعتبار الفحص لأجل احتمال وجود القرينة أو المعارض. نعم ، لو حصل العلم إجمالا بوجود القرينة أو المعارض يجب الفحص حينئذ مقدارا يرتفع به العلم الإجمالي. والفحص حينئذ ليس من جهة العمل بالحقيقة ، بل لصيرورة الظاهر مجملا بسبب العلم الإجمالي ، فلا