أحبّ إليك ، فقلت : ما كان الاجتماع فيه أكثر ، لم يحسن للمخاطب أن ينسب إليك محبوبيّة كلّ مكان يكون الاجتماع فيه أكثر ، بيتا كان أو خانا أو سوقا ، وكذا لو أجبت عن سؤال المرجّح لأحد الرمّانين ، فقلت : ما كان اكبر.
والحاصل : أنّ دعوى العموم في المقام لغير الرواية ممّا لا يظنّ بأدنى التفات ،
______________________________________________________
الأصحاب ، وتخصيصه بالرواية إنّما هو باعتبار خصوصيّة السؤال.
قلت : إنّ عدم جواز تخصيص عموم الجواب بالمورد إنّما هو فيما كان للجواب عموم ، مثل قوله عليهالسلام وقد سئل عن بئر بضاعة : «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء ، إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو رائحته». وقوله عليهالسلام لمّا مرّ بشاة ميمونة ـ على ما رواه العامّة ـ : «أيّما إهاب دبّغ فقد طهر». وما نحن فيه ليس كذلك ، لأنّ الموصولات من قبيل المطلقات دون العمومات على ما هو الحقّ.
فإن قلت : نعم لكنّها تفيد العموم فيما تضمّنت معنى الشرط ، وقوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» بمنزلة قولنا : إن كان شيء مشهورا بين أصحابك فخذ به ، فيفيد علّية الشهرة المطلقة لوجوب الأخذ بالمشهور قضيّة للشرطيّة.
قلت : نعم ، لكن غاية ما يستفاد من الرواية حينئذ كون الشهرة حجّة في مقام الترجيح ، لا صيرورتها دليلا مستقلّا في إثبات المطلوب ، لوضوح أنّ المقصود من وجوب الأخذ بالمشهور وجوب الأخذ به في مقام الترجيح لا مطلقا. وهذا أولى في مقام الجواب عن الاستدلال بالرواية ، لا ما يظهر من المصنّف رحمهالله من منع العموم. مضافا إلى أنّ ما استشهده بما رامه من قوله : «ألا ترى أنّك لو سألت ...» لا يخلو من شيء ، لإمكان أن يقال : إنّ عدم انفهام العموم في المثالين لما علم من الخارج من عدم مناسبة مطلق الاجتماع والأكبريّة للعليّة في ثبوت الحكم من دون مدخليّة المحلّ ، بخلاف الشهرة فيما نحن فيه. نعم يتمّ الاستشهاد لو قال في المثال الثاني : ما كان أحلى أو أحمض أو نحوهما ممّا يصلح العموم فيه للتعليل. ومنع العموم حينئذ لا يخلو من إشكال كما عرفت.