مع أنّ الشهرة (٣٨٣) الفتوائيّة ممّا لا يقبل أن يكون في طرفي المسألة ، فقوله : «يا سيّدي ، إنّهما معا مشهوران مأثوران» أوضح شاهد على أنّ المراد بالشهرة الشهرة في الرواية الحاصلة بكون الرواية ممّا اتّفق الكلّ على روايته أو تدوينه ، وهذا ممّا يمكن اتّصاف الروايتين المتعارضتين به.
ومن هنا يعلم الجواب عن التمسّك بالمقبولة وأنّه لا تنافي بين إطلاق (٣٨٤)
______________________________________________________
٣٨٣. فيه : أنّ في الرياض في مسألة المتيمّم الواجد للماء في أثناء الصلاة ، بعد أن نقل فيها أقوالا خمسة قال : «وأمّا المشهور منها فقولان».
٣٨٤. مقابل الإطلاق قوله : «وبالعكس». والأولى لفظ «في» بدل «بين». وحاصله : منع منافاة الشهرة والإجماع حتّى يصرف أحدهما عن ظاهره بقرينة الآخر. وفيه : أنّ مقتضى ما ذكره عدم شمول الرواية لروايتين روى إحداهما الأكثر دون الجميع وإن كان الباقي واحدا أو اثنين ، ولم يرو الاخرى إلّا القليل ، وهو بعيد.
ثمّ إن قلت : هب أنّ الشهرة والإجماع في الرواية بمعنى واحد ، إلّا أنّه لا ريب أنّ المراد بقوله عليهالسلام : «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» هو نفي الريب عن المجمع عليه بالإضافة إلى الشاذّ النادر ، لوضوح عدم انتفاء الريب رأسا عن المجمع على روايته مع قطع النظر عن وقوع العمل بمضمونه وعدمه ، وإلّا لم يكن معنى لتحيّر السائل بعد معرفة الترجيح بالشهرة ، وسؤاله عن صورة شهرة كلّ من الروايتين وسائر المرجّحات المذكورة في المقبولة بعدها. ومقتضى عموم العلّة حينئذ جواز العمل بكلّ ما كان أقلّ ريبا من مقابله ، فيشمل الشهرة بحسب الفتوى أيضا ، لكونها أقلّ ريبا من غير المشهور.
قلت : نمنع عموم العلّة ، لأنّ اللام في قوله : «فإنّ المجمع عليه» إمّا موصولة أو أداة تعريف ، وعلى التقديرين فهي للعهد ، لأنّ السؤال عن تعارض الخبرين ، فكأنّه قال : إذا تعارض الخبران وكان أحدهما مشهورا والآخر شاذّا يؤخذ بالمشهور