وقوله : «إنّما يحشر الناس على نيّاتهم» (١٢) ، وما ورد من تعليل (٤٥) خلود أهل النار في النار وخلود أهل الجنّة في الجنّة ؛ بعزم كلّ من الطائفتين على الثبات على ما كان عليه من المعصية والطاعة لو خلّدوا في الدنيا (١٣) ، وما ورد من أنّه (٤٦) : «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار ، قيل : يا رسول الله ، هذا القاتل ، فما بال المقتول؟! قال : لأنّه أراد قتل صاحبه» (١٤) ، وما ورد في العقاب على فعل بعض المقدّمات بقصد ترتّب الحرام كغارس الخمر (١٥) والماشي لسعاية مؤمن (١٦) ، وفحوى ما دلّ (٤٧) على أنّ الرضا بفعل كفعله ، مثل ما عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أنّ «الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم ، وعلى الداخل إثمان : إثم الرضا ، وإثم الدخول» (١٧) ، وما ورد في تفسير قوله تعالى : (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٨) من أنّ نسبة القتل إلى المخاطبين مع تأخّرهم عن القاتلين بكثير ؛ لرضاهم بفعلهم (١٩). ويؤيّده قوله تعالى (٤٨): (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٠) ،
______________________________________________________
٤٥. ظاهر سوق الرواية كون المراد من المعصية والطاعة هو المعصية بالكفر والطاعة بالإيمان ، سيّما وإنّهما من أتمّهما كما لا يخفى ، فتكون خارجة ممّا نحن فيه.
٤٦. ظاهره بحكم الغلبة ـ بل صريح مورده ـ إرادة القتل مع إيجاد بعض مقدّماته ، فلا يثبت تمام المدّعى. ودعوى عدم الفصل ضعيفة ، يظهر وجهه ممّا قدمناه. ومن هنا يظهر ضعف التمسّك بأخبار غرس الخمر والمشي للسعاية ، مع أنّ الظاهر أنّ التعليل بإرادة المقتول قتل صاحبه ليس المقصود منه مجرّد إرادة القتل ، بل المقصود ـ كما يشهد له مورد الرواية ـ معارضة المسلم مريدا لقتله.
٤٧. يمكن منع الفحوى ، فإنّ عدم الرضا بوقوع الحرام في الخارج من لوازم الإيمان ، فالرضا بوقوع الأفعال المحرّمة في الخارج يكشف عن ضعف في إيمان صاحبه ، وليس هو كإرادة الحرام لأجل غلبة النفس ، ولا أقلّ من مساواتهما.
٤٨. إنّما جعل هذه الآية وما بعدها تأييدا لا دليلا لعدم ظهورها في المدّعى. أمّا الاولى فإنّ حرمة حبّ شيوع المعصية لا تستلزم حرمة إرادتها ، إذ المحبّة أقوى من