وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٢١) ، وما ورد من أنّ : «من رضي بفعل فقد لزمه وإن لم يفعل» (٢٢) ، وقوله تعالى : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) (٢٣). ويمكن حمل الأخبار الأول على من ارتدع عن قصده بنفسه ، وحمل الأخبار الأخيرة على من بقي على قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختياره. أو يحمل الأول على من اكتفى بمجرّد القصد ، والثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات ؛ كما يشهد له حرمة الإعانة على المحرّم ، حيث عمّمه بعض الأساطين لإعانة نفسه على الحرام ؛ ولعلّه لتنقيح المناط ، لا بالدلالة اللفظية.
______________________________________________________
الإرادة في القبح أو مساوية لها ، مضافا إلى أنّ الظاهر منها التهديد والإيعاد على غيبة المؤمنين ، ولذا فسّرت الآية بإشاعة الفاحشة باللسان بنسبتها إليهم. وحاصل المعنى هو التهديد على تشييع الفاحشة قصدا إليها ومحبّة لها كما ذكره الشيخ الطريحي ، وتؤيّده ملاحظة مورد الآية والآيات السابقة عليها ، لا على مجرّد قصد الإشاعة أو محبّتها ، كما يظهر من المحكيّ عن أبي علي حيث قال ـ على ما نقله عنه الطريحي ـ : وفي الآية دلالة على أنّ العزم على الفسق فسق.
وأمّا الثانية فلوروده في مقام بيان المجازاة على ما في القلوب ، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ. ولا عموم فيه بحسب أفراد المجزيّ عليه ، إذ الموصولة إنّما تفيد العموم مع تضمّن معنى الشرط لا مطلقا. بل ولا إطلاق أيضا ، لعدم وروده في مقام بيانه كما لا يخفى ، فيحتمل أن يكون المراد منها مثل الحسد والخطأ في الاعتقاد فيما يتعلّق باصول العقائد. ومن هنا يظهر ضعف التمسّك بقول الأمير عليهالسلام في نهج البلاغة ـ على ما حكاه عنه الكاشاني في تفسيره ـ : «بما في الصدور يجازى العباد».
وأمّا الثالثة فإنّ لزوم الفعل المرضيّ به لمن رضي به كما يحتمل أن يكون المراد منه لزوم حكمه عليه ، كذلك يحتمل إرادة المبالغة في كراهة الرضا.