بالاستقلال أو في ضمن الأكثر ، ومع هذا العلم لا يقبح المؤاخذة.
وما ذكر في المتباينين ـ سندا لمنع كون الجهل مانعا من استلزامه لجواز المخالفة القطعيّة وقبح خطاب الجاهل المقصّر ، وكونه معذورا بالنسبة إلى الواقع ـ مع أنّه خلاف المشهور أو المتّفق عليه ، غير جار فيما نحن فيه. أمّا الأوّل ، فلأنّ عدم (١٦٨٢) جواز المخالفة القطعيّة لكونها مخالفة معلومة بالتفصيل ؛ فإنّ وجوب الأقلّ بمعنى استحقاق العقاب بتركه معلوم تفصيلا وإن لم يعلم أنّ العقاب لأجل ترك نفسه أو لترك ما هو سبب في تركه وهو الأكثر ؛ فإنّ هذا العلم غير معتبر في إلزام العقل بوجوب الإتيان ؛ إذ مناط تحريك العقل إلى فعل الواجبات وترك المحرّمات ، دفع العقاب ، ولا يفرّق في تحريكه بين علمه بأنّ العقاب لأجل هذا الشيء أو لما هو مستند إليه.
______________________________________________________
١٦٨٢. حاصله : بيان الفرق بين ما نحن فيه وبين المتباينين ، بدعوى عدم كون الجهل بالواقع تفصيلا مانعا من تنجّز التكليف بالواقع ، ومن توجّه الخطاب الواقعي إلى الجاهل في المتباينين ، وتسليم المنع فيما نحن فيه.
أمّا الأوّل فإنّ الجهل هناك لو كان مانعا من تنجّز الخطاب الواقعي لأدّى ذلك إلى جواز المخالفة القطعيّة ، لأنّه مع عدم تنجّز الخطاب الواقعي ، إمّا أن يجوز ترك خصوص أحد المشتبهين ، أو أحدهما المخيّر فيه ، أو كليهما. والأوّل ترجيح بلا مرجّح. والثاني خارج من مفهوم الخطاب الواقعي. ولا دليل على تقييده في الظاهر. ومجرّد الجهل التفصيلي لا يصير دليلا على إرادته لا من الخطاب الواقعي ، لاستلزامه استعمال اللفظ الواحد في التعيين والتخيير باعتبار اختلاف الحالين ، وهو غير جائز. مع أنّه مستلزم لثبوت التخيير الشرعيّ بين المشتبهين ، وهو خلاف الفرض. ولا من الخارج ، إذ كما يحتمل ثبوت التخيير بينهما في حال الجهل ، كذلك يحتمل عدم وجوب شيء منهما ، لأنّ الكلام هنا بعد فرض كون الجهل مانعا. والثالث مفروغ من بطلانه ، لمنافاته للعلم الإجمالي الذي هو كالتفصيلي في الاعتبار ولو في الجملة.