آخر منهم : وجوب تميّز الأجزاء الواجبة من المستحبّات ليوقع كلا على وجهه.
وبالجملة : فحصول اللطف بالفعل المأتيّ به من الجاهل فيما نحن فيه غير معلوم (*) ، بل ظاهرهم عدمه ، فلم يبق عليه (١٦٨٠) إلّا التخلّص من تبعه مخالفة الأمر الموجّه إليه ، فإنّ هذا واجب عقلي في مقام الإطاعة والمعصية ولا دخل له بمسألة اللطف ، بل هو جار على فرض عدم اللطف وعدم المصلحة في المأمور به رأسا ، وهذا التخلّص يحصل بالإتيان بما يعلم أنّ مع تركه يستحقّ العقاب والمؤاخذة فيجب الإتيان ، وأمّا الزائد فيقبح المؤاخذة عليه مع عدم البيان.
فإن قلت : إنّ ما ذكر (١٦٨١) في وجوب الاحتياط في المتباينين بعينه موجود هنا ، وهو أنّ المقتضي ـ وهو تعلّق الوجوب الواقعي بالأمر الواقعي المردّد بين الأقلّ والأكثر ـ موجود ، والجهل التفصيلي به لا يصلح مانعا لا عن المأمور به ولا عن توجّه الأمر كما تقدّم في المتباينين حرفا بحرف.
قلت : نختار هنا أنّ الجهل مانع عقلي عن توجّه التكليف بالمجهول إلى المكلّف ؛ لحكم العقل بقبح المؤاخذة على ترك الأكثر المسبّب عن ترك الجزء المشكوك من دون بيان ، ولا يعارض بقبح المؤاخذة على ترك الأقلّ من حيث هو من دون بيان ؛ إذ يكفي في البيان المسوّغ للمؤاخذة عليه العلم التفصيلي بأنّه مطلوب للشارع
______________________________________________________
١٦٨٠. أي : لم يبق على المكلّف حين لا يعلم بحصول اللطف إلّا هذا.
١٦٨١. يؤيّده أنّ مرجع الأقلّ والأكثر الارتباطيّين إلى المتباينين عند التحقيق ، لأنّ اعتبار الأقلّ بشرط لا يباين الأكثر الذي يندرج فيه الأقلّ ، فلا يبقى بينهما جامع متيقّن يؤخذ به ، وينفى وجوب الزائد بالأصل كما في الاستقلاليّين.
وإن شئت قلت : إنّ عدم إجزاء الأقلّ على تقدير وجوب الأكثر عن التكليف المعلوم إجمالا يجعل المقام كالمتباينين ، لأنّ مجرّد اندراج الأقلّ تحت الأكثر مع عدم إجزائه عن شيء لا يصلح فارقا بينهما في حكم العلم الإجمالي.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : وإن احرز الواقع.