للاحتياط في كلّ موضوع هو نفس الدليل الخاصّ التحريمي الموجود في ذلك الموضوع ، والمفروض أنّ ثبوت التحريم لذلك الموضوع مسلّم ، ولا يرد منه حرج على الأغلب ، وأنّ الاجتناب في صورة اشتباهه أيضا في غاية اليسر ؛ فأيّ مدخل للأخبار الواردة في أنّ الحكم الشرعيّ يتبع الأغلب في اليسر والعسر. وكأنّ المستدلّ بذلك جعل الشبهة الغير المحصورة واقعة واحدة مقتضى الدليل فيها وجوب الاحتياط لو لا العسر ، لكن لما تعسّر الاحتياط في أغلب الموارد على أغلب الناس حكم بعدم وجوب الاحتياط كلّية.
وفيه : أنّ دليل الاحتياط في كلّ فرد من الشبهة ليس إلّا دليل حرمة ذلك الموضوع. نعم ، لو لزم الحرج من جريان حكم العنوان المحرّم الواقعي في خصوص مشتبهاته الغير المحصورة على أغلب المكلّفين في أغلب الأوقات ـ كأن يدّعى أنّ الحكم بوجوب الاجتناب عن النجس الواقعي مع اشتباهه في أمور غير محصورة ، يوجب الحرج الغالبي ـ أمكن التزام ارتفاع وجوب الاحتياط في خصوص النجاسة المشتبهة. لكن لا يتوهّم من ذلك : اطّراد الحكم بارتفاع التحريم في الخمر المشتبه بين مايعات غير محصورة والمرأة المحرّمة المشتبهة في ناحية مخصوصة إلى غير ذلك من المحرّمات. ولعلّ كثيرا ممّن تمسّك في هذا المقام بلزوم المشقّة أراد المورد الخاصّ ، كما ذكروا ذلك في الطهارة والنجاسة.
هذا كلّه ، مع أنّ لزوم الحرج (١٥٦٥) في الاجتناب عن الشبهة الغير المحصورة التي يقتضي الدليل المتقدّم وجوب الاحتياط فيها ، ممنوع. ووجهه أنّ كثيرا من الشبهات الغير المحصورة لا يكون جميع المحتملات فيها مورد ابتلاء المكلّف ، ولا يجب الاحتياط في مثل هذه الشبهة وإن كانت محصورة كما أوضحناه سابقا ، وبعد إخراج هذا عن محلّ الكلام فالإنصاف منع غلبة التعسّر في الاجتناب.
______________________________________________________
١٥٦٥. إن أراد خروج هذه الموارد من الشبهة غير المحصورة من محلّ النزاع ـ كما هو ظاهر كلامه ـ فهو ينافي استدلاله الآتي على عدم وجوب الاجتناب بعدم تحقّق الابتلاء بجميع أطراف الشبهة في كثير من مواردها. وإن أراد دخولها