وفيه : أنّ المكلّف به حينئذ هو المردّد بين كونه نفس المقيّد أو المطلق ، ونعلم أنّا مكلّفون بأحدهما ؛ لاشتغال الذمّة بالمجمل ، ولا يحصل البراءة إلّا بالمقيّد ـ إلى أن قال ـ : وليس هنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزائد عنه بالأصل ؛ لأنّ الجنس الموجود في ضمن المقيّد لا ينفكّ عن الفصل ، ولا تفارق لهما ، فليتأمّل (١١) ، انتهى.
هذا ، ولكنّ الإنصاف عدم خلوّ المذكور عن النظر ؛ فإنّه لا بأس بنفي القيود المشكوكة للمأمور به بأدلّة البراءة من العقل والنقل ؛ لأنّ المنفي فيها الإلزام بما لا يعلم ورفع كلفته ، ولا ريب أنّ التكليف بالمقيّد مشتمل على كلفة زائدة وإلزام زائد على ما في التكليف بالمطلق وإن لم يزد المقيّد الموجود في الخارج على المطلق الموجود في الخارج ، ولا فرق عند التأمّل بين إتيان الرقبة الكافرة وإتيان الصلاة بدون الوضوء. مع أنّ ما ذكر ـ من تغاير منشأ حصول الشرط مع وجود المشروط في الوضوء واتّحادهما في الرقبة المؤمنة ـ كلام ظاهري ؛ فإنّ الصلاة حال (*) الطهارة بمنزلة الرقبة المؤمنة في كون كلّ منهما أمرا واحدا في مقابل الفرد الفاقد للشرط.
وأمّا وجوب إيجاد الوضوء مقدّمة لتحصيل ذلك المقيّد في الخارج ، فهو أمر يتّفق بالنسبة إلى الفاقد للطهارة ، ونظيره قد يتّفق في الرقبة المؤمنة حيث إنّه قد يجب بعض المقدّمات لتحصيلها في الخارج ، بل قد يجب السعي في هداية الرقبة الكافرة إلى
______________________________________________________
لتعلّق حكم آخر به مغاير لحكم الفرد ، كما أوضحناه في الحاشية السابقة. وما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله مبنيّ على كون الفصل علّة تامّة لوجود الطبيعة الموجودة في ضمنه ، وإن كانت موجودة في ضمنه بوجود مغاير لوجوده ، نظرا إلى أنّ المتّصف بالوجوب الغيري حينئذ هي الحصّة الموجودة من الطبيعة في ضمنه ، دون الحصص الأخر الموجودة في ضمن أفراد أخر. فالمأمور بعتق المؤمنة حينئذ لا يكون ممتثلا للأمر بالطبيعة بعتق الكافرة ، لما عرفت من عدم تعلّق الأمر بها في ضمنه وإن كان غيريّا. وبالجملة ، إنّ الفرق بين ما ذكره المصنّف رحمهالله وما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله واضح بأدنى تأمّل.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : وجود.