إلزام مغاير لوجوب أصل الفعل ولو مقدّمة ، فلا يندرج فيما حجب الله علمه عن العباد.
والحاصل : أنّ أدلّة البراءة من العقل والنقل إنّما تنفي الكلفة الزائدة الحاصلة من فعل المشكوك والعقاب المترتّب على تركه مع إتيان ما هو معلوم الوجوب تفصيلا ؛ فإنّ الآتي بالصلاة بدون التسليم المشكوك في وجوبه معذور في ترك التسليم لجهله. وأمّا الآتي بالرقبة الكافرة فلم يأت في الخارج بما هو معلوم له تفصيلا حتّى يكون معذورا في الزائد المجهول ، بل هو تارك للمأمور به رأسا. وبالجملة : فالمطلق والمقيّد من قبيل المتباينين لا الأقلّ والأكثر.
وكأنّ هذا هو السرّ (١٧٤٧) فيما ذكره بعض القائلين بالبراءة عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة كالمحقّق القمّي رحمهالله في باب المطلق والمقيّد : من تأييد استدلال العلّامة رحمهالله في النهاية على وجوب حمل المطلق على المقيّد بقاعدة «الاشتغال» وردّ ما اعترض عليه بعدم العلم بالشغل حتّى يستدعي العلم بالبراءة ، بقوله :
______________________________________________________
أحدهما : أنّ صاحب المدارك بعد أن احتاط في التكبير بغير العربيّة ، وفي تقديم لفظ «أكبر» على لفظ «الله» أورد عليه الوحيد البهبهاني بأنّ الاحتياط هنا لا يجتمع مع قوله بالبراءة في سائر المقامات من موارد الشكّ في الجزئيّة أو الشرطيّة ، لأنّ مقتضاها عدم شرطيّة العربيّة وتقديم لفظ الجلالة.
وثانيهما : ما نقله المصنّف رحمهالله عن المحقّق القمّي رحمهالله من قوله بالاحتياط في باب المطلق والمقيّد ، وقوله بالبراءة في مبحث البراءة والاشتغال. واعترض عليه صاحب الفصول ـ بل يظهر من المصنّف رحمهالله أيضا ـ بالتنافي بينهما.
ووجه السقوط : عدم استلزام القول بالبراءة في بعض المقامات القول بها في جميعها ، فتدبّر. نعم ، يرد عليه ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من عدم اجتماع قوله بالاحتياط في مبحث المطلق والمقيّد مع قوله بالبراءة في المتباينين ، لأنّ غاية ما يقال في الأوّل هو رجوع دوران الأمر بين التعيين والتخيير إلى المتباينين كما أسلفناه ، وهو لا يقول بالاحتياط فيهما.
١٧٤٧. لا يخفى أنّ ما ذكره مبنيّ على اتّحاد الكلّي مع الفرد ، وعدم قابليّته