.................................................................................................
______________________________________________________
في الحقيقة بحيث يبقى المعدول عنه بلا حكم ، إلّا أنّه بمنزلة العدول في سقوط وجوب أحدهما بالإتيان بالآخر ، بخلاف الوجوب العيني كما هو واضح.
فإذا دار الأمر بين التعيين والتخيير الشرعيّ ، فعلى مذهب المعتزلة ـ بل المختار أيضا ـ لا بدّ من الاحتياط بالإتيان بمحتمل التعيين ، لعدم وجود قدر مشترك جامع بين طرفي العلم الإجمالي وجودا أو ذهنا حتّى يؤخذ به وينفى المشكوك فيه بالأصل أمّا على المختار فواضح ، لما عرفت من اختلاف نفس الإنشاءين ، فنفي أحدهما بالأصل ليس بأولى من نفي الآخر به. وأمّا على مذهب المعتزلة ، فإنّ وجوب أحد الفردين بالخصوص مباين لوجوب كلّ منهما مخيّرا فيهما ، فنفي أحدهما أيضا ليس بأولى من نفي الآخر. وعلى التقديرين لا يحصل القطع بالفراغ من التكليف الثابت إلّا بالإتيان بمحتمل التعيين ، فيجب الإتيان به قضيّة لحكم العقل. نعم ، على مذهب الأشاعرة يكون المقام من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير العقلي ، وقد عرفت الكلام فيه. وبالجملة ، إنّ القول بالاحتياط في المقام على المختار أو على مذهب المعتزلة لا يخلو من قوّة.
نعم ، يمكن أن يجري هنا أيضا ما تقدّم من المسامحة العرفيّة ، لأنّه مع دوران الأمر بين وجوب إكرام خصوص زيد وبين وجوب إكرامه أو إكرام عمرو ، يعدّ العبد عرفا مكلّفا بإكرام أحدهما يقينا وبإكرام خصوص زيد شكّا.
وقد ظهر من جميع ما قدّمناه أنّ هنا مقامات أربعة : أحدها : الشكّ في الجزئيّة. الثاني : الشكّ في الشرطيّة التي لها منشأ انتزاع. الثالث : الشكّ في شرطيّة ما كان متّحدا مع المأمور به ، مع رجوعه إلى الشكّ في التعيين والتخيير العقلي. الرابع : الصورة بحالها مع رجوع الشكّ إلى الشكّ في التعيين والتخيير الشرعيّ. وقد ظهر أيضا أنّ الأقرب في الجميع هو القول بالبراءة ، وإن أمكن التفصيل بينها بالقول بالبراءة في بعضها والاحتياط في الآخر.
ومن هنا يسقط اعتراضان :