.................................................................................................
______________________________________________________
يكون إيجاب التكاليف لاستحقاق الثواب.
ومنهم من قال باستحقاق الثواب بالعمل الصالح ، واستحقاق العقاب بالعمل الطالح. وهذه الفرقة قد اختلفت بين من قال بالإحباط والتكفير. والمراد بالأوّل أن يسقط الثواب المتقدّم بالمعصية المتأخّرة ، وبالثاني أن تكفّر الذنوب المتقدّمة بالطاعة المتأخّرة. وهذا محكيّ عن جماعة من المعتزلة. ومن قال بأنّ الناس مجزيّون بأعمالهم ، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا. وهو محكيّ في كلام جماعة عن المحقّقين ، بل الإماميّة قاطبة ، كما حكي عن اللاهيجي في رسالته المسمّاة بسرمايه إيمان. وصرّح المحقّق الطوسي قدسسره ببطلان القول الأوّل من دون تأمّل.
واختلف القائلون بالإحباط على قولين :
أحدهما : المحكيّ عن أبي علي على اختلاف النقل عنه. قال القوشجي : «قال أبو علي : إنّ المتأخّر يسقط المتقدّم ، ويبقى هو على حاله» انتهى. وظاهره أنّ المتأخّر بأيّ وجه كان يسقط المتقدّم زائدا كان أم لا ، ويبقى هو بحاله. ونقل الآمدي والشيخ الطريحي : أنّ الطاعات تحبط المعاصي إن كانت زائدة ، وتبقى بحالها ، والعكس. وأوضحه الطريحي بأنّ أحد الاستحقاقين لو كان خمسة والآخر عشرة ، فإنّ الخمسة تسقط وتبقى العشرة بحالها. قال : ويسمّى الإحباط. ونقل الإمام الرازي عنه أنّ بقدر الطارئة من المعاصي تحبط السابقة من الطاعات من غير أن ينتقص منه شيء ، فإن بقي من الطاعات زائد على قدر المعاصي أثيب وإلّا فلا.
وثانيهما : محكيّ عن أبي هاشم ، وهو أن ينتفي الأقلّ بالأكثر ، وينتفي من الأكثر بالأقلّ ما ساواه ، ويبقى الزائد مستحقّا ، وإن تساويا صارا كأن لم يكن. وهذا هو الموازنة.
قال الطريحي : «قد أبطلهما ـ يعني : القولين ـ المحقّقون من المتكلّمين بأنّ ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج ، كالأخوّة والبنوّة وعدمهما.