.................................................................................................
______________________________________________________
فقال المتكلّمون بالعدم ، لأنّها لو كانت موجودة في الخارج ، مع أنّها عرض مفتقر إلى محلّ يكون لها إضافة إلى ذلك المحلّ ، فنقول فيها كما قلنا في الأوّل. ويلزم في الأوّل التسلسل ، وهو باطل. ويلزم منه بطلانها في الخارج ، لأنّ ما بني على الباطل باطل. وقول الحكماء بوجودها لا يلزم منه الوجود الخارجي ، بل الذهني. وتحقيق البحث في محلّه» انتهى.
واستدلّ المحقّق الطوسي على بطلانهما أوّلا : باستلزام القول بالإحباط للظلم ، لأنّ من أطاع وأساء وكان إساءته أكثر يكون بمنزلة من لم يحسن ، ومن كان إحسانه أكثر كان بمنزلة من لم يسئ ، وإن تساويا يكون كمن لم يصدر عنه أحدهما ، وليس كذلك عند العقلاء.
وثانيا : بقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ). والإيفاء بوعده واجب. وأقول : وقال سبحانه أيضا : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ). وقال تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها). وقال عزوجل : (أَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ). وقال سبحانه : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً). ومن السنّة قوله عليهالسلام : «الناس مجزيون بأعمالهم ، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا».
فإن قلت : الآيات معارضة بمثلها أو أكثر منها. قال الله تعالى : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). وقال سبحانه : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى). وقال عزوجل وعلا : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ). وقال جلّ وعلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) على المعنى الذي استظهره المصنّف رحمهالله منه.
قلت : إنّه قد حمل الآية الاولى على أنّ الحسنات تصير سببا لتوفيق الاحتباس عن السيّئات. والثانية والثالثة على أنّ الإتيان ببعض الحسنات على بعض الوجوه الرديّة قد يوجب عدم استحقاق الثواب عليه. والرابعة على ما تقدّم عند شرح