.................................................................................................
______________________________________________________
قول المصنّف رحمهالله : «يناسب الإحباط ...». مع أنّ الظنّي المنقول لا يعارض العقلي المقطوع به ، فيصير من المشتبهات.
ثمّ إنّ الشيخ الطريحي قد نقل عن بعض المحقّقين ما لا معدل عنه في تحقيق المقام به ، قال : «قال بعض المحقّقين : استحقاق الثواب مشروط بالموافاة ، لقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ولقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ ...) وقوله تعالى : (فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ). فمن كان من أهل الموافاة ولم يلبس إيمانه بظلم كان ممّن يستحقّ الثواب الدائم مطلقا. ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحقّ العقاب الدائم مطلقا. ومن كان ممّن خلط عملا صالحا وآخر سيّئا ، فإن وافى بالتوبة استحقّ الثواب مطلقا. وإن لم يواف بها ، فإمّا يستحقّ ثواب إيمانه أو لا. والثاني باطل ، لقوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) فتعيّن الأوّل. فإمّا أن يثاب ثمّ يعاقب ، وهو باطل بالإجماع ، لأنّ من يدخل الجنّة لا يخرج منها ، فحينئذ يلزم بطلان العقاب. أو يعاقب ثمّ يثاب ، وهو المطلوب ، ولقوله عليهالسلام في حقّ هؤلاء : «يخرجون من النار كالحمم ـ أو كالفحم ـ فيراهم أهل الجنّة فيقولون : هؤلاء الجهنّميون ، فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان ، فيخرجون وأحدهم كالبدر ليلة تمامه».
وأقول : من هذا البيان يظهر أيضا بطلان القولين المتقدّمين. وقال الطريحي أيضا : ولو قيل ببطلان الإحباط والموازنة والقول بالتكفير من باب العفو والتفضّل لم يكن بعيدا ، وظواهر الأدلّة تؤيّده ، وهو لا ينافي التحقيق المذكور. ثمّ إنّ للمعتزلة والخوارج قولا بأنّ معصية واحدة تحبط جميع الطاعات ، حكاه في المواقف.