العمل ثمّ إعادته ؛ للشكّ في أنّ التكليف هو إتمام هذا العمل أو عمل آخر مستأنف؟
وفيه نظر ، فإنّ البراءة اليقينيّة ـ على تقدير العمل (*) باستصحاب وجوب التمام ـ يحصل بالتمام ؛ لأنّ هذا الوجوب يرجع إلى إيجاب امتثال الأمر بكلّي الصلاة في ضمن هذا الفرد. وعلى تقدير عدم العمل به تحصل بالإعادة من دون الإتمام.
واحتمال وجوبه وحرمة القطع مدفوع بالأصل ؛ لأنّ الشبهة في أصل التكليف الوجوبي أو التحريمي ، بل لا احتياط مستحبا في الإتمام مراعاة لاحتمال وجوبه وحرمة القطع ؛ لأنّه موجب لإلغاء الاحتياط من جهة اخرى ، وهي مراعاة نيّة الوجه التفصيلي في العبادة ؛ فإنّه لو قطع العمل المشكوك فيه واستأنفه نوى الوجوب على وجه الجزم ، وإن أتمّه ثمّ أعاد فاتت منه نيّة الوجوب فيما هو الواجب عليه ، ولا شكّ أنّ هذا الاحتياط على تقدير عدم وجوبه اولى من الاحتياط المتقدّم ؛ لأنّه كان الشكّ فيه في أصل التكليف ، وهذا شكّ في المكلّف به. والحاصل : أنّ الفقيه إذا كان متردّدا بين الإتمام والاستئناف ، فالأولى له الحكم بالقطع ثمّ الأمر بالإعادة بنيّة الوجوب.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من حكم الزيادة وأنّ مقتضى أصل البراءة عدم مانعيّتها إنّما هو بالنظر إلى الأصل الأوّلي ، وإلّا فقد يقتضي الدليل في خصوص بعض المركّبات
______________________________________________________
المقصد. وقد أوضحناه مع الإشارة إلى ما ينبغي تحقيق المقام به في المقصد الأوّل ، فراجع.
الرابع : أنّا قد أشرنا إلى أنّ البحث عن مانعيّة الزيادة العمديّة إنّما هو جزئي من البحث عن مطلق ما يشكّ في مانعيّته. وربّما حكي عن جماعة منهم المحقّق في المعتبر التفصيل بينهما ، بالقول بقاعدة الاشتغال في الأوّل والبراءة في الثاني ، نظرا في الأوّل إلى قاعدة التوقيفيّة في العبادة ، وكون الزيادة العمديّة تغييرا لهيئة العبادة الموظّفة ، فتكون مبطلة. وفيه نظر قد أوضحه المصنّف رحمهالله فيما تقدّم بقوله : «وقد يستدلّ على البطلان بأنّ الزيادة تغيير ...».
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : مستحبّا.